للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر وطن *

هذا الاسم أصبح علمًا تاريخيًا وجغرافيًا على هذه القطعة الثمينة الواسعة من شمال إفريقيا، مشخصًا لها تشخيصًا واقعيًا لا ينصرف الذهن إلى غيرها عند إطلاق الاسم ولا يتردد سامع في مسماه.

وهذه القطعة ذات خصائص طبيعية وخصائص مكتسبة، اجتمعت كلها في نقطة واحدة تصدق رواد الحق وأنصار الحقائق، وتكذب المبطلين من أصحاب الفكر الزائغ والرأي الضال والهوى الأعمى.

هذه النقطة التي تعرب عن نفسها وتسفه كل من يريد تغطيتها هي أن الجزائر وطن بربري قبل الإسلام يضم جماهر القبائل البربرية وأصولها الأولى، ووطن عربي إسلامي منذ دخله الإسلام يصحب ترجمانه الأصيل وهو اللسان العربي، فمنذ ثلاثة عشر قرنًا انتقل هذا الوطن من صبغة إلى صبغة، من صبغة جنسية ليس معها ما يعصمها من الألوان الروحية إلى صبغة جنسية معها ما يحميها من الانحلال والتقلب وهي العروبة المعتصمة بالإسلام، وليس لها في النظر التاريخي الصحيح إلّا هذان الطوران وهاتان الصبغتان، ومن السفه لو ادعى الرومان الذين ملكوها قرونًا أنها صارت بذلك رومانية إلا بضرب من التوسع في التعبير والتساهل في الإطلاق الاصطلاحي، وقد لبثوا فيها قرونًا ثم خرجوا منها مدحورين لأنها ليست رومانية بالطبع، ولو كانت كذلك لما صحّ أن يقال إنهم خرجوا منها إلا إذا صحّ أن الإنسان يخرج من جلده، ومن أسفه السفه دعوى مجانين السياسة من الفرنسيين أنها قطعة من فرنسا. واذا حكم الواقع بأن دعوى الرومان سفيهة ودعوى الفرنسيين مجنونة، حكم بما هو فوق السفه والجنون على فكرة ثالثة خاطئة كاذبة راجت في السنين الأخيرة على ألسنة


* كلمة وُجدت في أوراق الإمام، ولا نعلم إن كانت نشرت أم لم تنشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>