للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"صوت المسجد" *

صوت أذن الله أن يخفض، لأنه مؤلف من غير مقاطع الحق، خارج من غير مخارج الصدق. ناشز عن مجاريه الأصلية، مندفع من غير حنجرته الطبيعية.

وكما أن صاحب هذا الصوت مترجم من المالكية إلى الحنفية، ومنقول من العامية إلى الخاصية، ومن الشارع إلى الوظيفة. فإن كلمة صوت ههنا مترجمة عن كلمة "لافوا" ( La Voix) (١) الشائعة في اسماء الجرائد، مثل "لافوا ديزامبل " ( La Voix des Humbles) (٢) و "لافوا انديجان " ( La Voix Indigènes) (٣). ولا نشكّ في أن مآل هذا الصوت هو مآل تلك الأصوات التي لم ترتفع إلا لتنخفض، ولم تتعال إلا لتتسفل. ولأمر ما، يتهافت أقوام على هذه الكلمات التقليدية، فلا يضيفون كلمة "صوت " إلا لما هو في سياق الموت.

والمجلة التي تحمل هذا الاسم هي الأقنوم الثالث من الهيكل الذي نزل الوحي على الشيخ المفتي بوضع قواعده، على أن يكون هو نفسه الأقنوم الرابع ... وكل من الثلاثة مكمل لبقية الأجزاء، فاعل فيه، منفعل به. أو كلها زروع زرعتها يد واحدة، بمحراث واحد، على ثور واحد، لتحصد تلك اليد ما زرعت في يوم ما، ويفوز الثور بالعلف و"دعوة الخير".

وصوت المسجد- في حقيقته وقدسيته- هو صوت الحق صريحًا غير مجمجم، واضحًا غير مبهم، مبينًا غير ملتبس. يبتدئ من "الله أكبر" تقال صادعة، وتُسمع رادعة. تلفظها الألسن الداعية، فتعيها الآذان الواعية. وينتهي بما يتعالى فيه من تفسير لكلام الله


* "البصائر"، العدد ٦٣، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ٣١ جانفي ١٩٤٩م.
١) La Voix: كلمة فرنسية معناها صوت أو نداء.
٢) La Voix des Humbles: صوت المستضعفين، وهو اسم جريدة.
٣) La Voix Indigènes: صوت الأهالي، وهو اسم جريدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>