للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فلسطين (٥)]

الإنكليز حلقة الشر المفرغة *

ــ

أيها العرب:

إن الإنكليز هم أول الشر ووسطه وآخره، وإنهم كالشيطان، منهم يبتدئ الشر وإليهم ينتهي، وإنهم ليزيدون على الشيطان بأن همزاتهم صُوَر مجسّمة تؤلم وتؤذي وتقتل، وجنادل مسمومة تهشّم وتحطّم وتخرّب، لا لمّة تُلِمّ ثم تنجلي، وطائف يمسّ ثم يخنس، ووسوسة تلابس ثم تفارق، ويزيدون عليه بأنهم لا يُطردون بالاستعاذة، وتذكُّر القلب، ويقظة الشواعر، وإنما يُطردون بما يُطرد به اللص الوقح من الصفع والدفع والأحجار والمدر، ويُدفعون بما يدفع به العدوّ المواثب، بالثبات المتين للصدمة، والعزم المصمّم على القطيعة وبت الحبال، والإرادة المصرّة على المقاطعة في الأعمال، والإجماع المعقود على كلمة واحدة ككلمة الإيمان: "إن الإنكليز لكم عدوٌّ فاتخذوهم عدوًّا". يردّدها كلّ عربي بلسانه، ويجعلها عقيدة جنانه، وربيطة وجدانه، وخير ما يقدمه من قربانه.

قد غرّكم أول الإنكلبز فأعيذكم أن تغترُّوا بآخره بعد أن صرح شرُّه، وافتضح سره، وانكشف لكم لينه، عن الأحساك والأشواك، وقد تمرَّس بكم فعرف الموالج والمخارج من نفوسكم، قبل أن يعرف أمثالها من بلادكم، وحلّل معادن النفوس منكم قبل أن يحلِّل معادن الأرض من وطنكم وعجم أمراءكم، فوجد أكثرهم من ذلك الصنف الذي تلين أنابيبه للعاجم، وتدين عروبته للأعاجم.

قد علمتم أنه هو الذي وعد صهيون فقوَّى أمله، ولولا وعده لكانت الصهيونية اليوم - كما كانت بالأمس- حُلمًا من الأحلام يستغلُّه (الشطار) وبتعلّل به الأغرار.


* نشرت في العدد ٢٤ من جريدة «البصائر»، ٢٣ فيفري سنة ١٩٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>