للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قامت- لم تصطنع واحدة منهن اللغة البربرية لغة رسمية في مخاطباتها ومراسيمها وخطبها ومدائحها، وإنما كن جميعًا تصطنعن اللغة العربية، وتتبارين في انتقاء كتابها وخطبائها وتتنافس في إكرام علمائها وشعرائها، وجوائز ملوكها الثمينة هي التي شجّعت على تبريز الشعراء والكتّاب، وإن تعداد أسمائهم يطول، وأين هذا مما فعله الأتراك العثمانيون، أو المغوليون، أو ملوك فارس المسلمون؟

____

[الدولة التركية]

____

تاريخ الدولة التركية معروف، وتاريخ احتلالها لمصر وأرض العرب على زمن السلطان سليم مشهور، وكل ذلك لا صلة له بموضوعنا، وإنما يهمّنا احتلال الأتراك للجزائر وإلحاقها بالممالك العثمانية.

كانت نكبة الإسلام في الأندلس، وتخاذل المسلمين عن نجدة إخوانهم فيها، مقتضية لنتيجتها الطبيعية، وهي ضراوة الإسبان وتكالبهم على المسلمين أينما كانوا، وأقرب بلاد المسلمين إليهم شمال افريقيا، والقضية من أساسها صليبية سافرة، وأول الانتصار يغري تآخره، وإخراج الإسبان للمسلمين من الأندلس كان شفاءً للنفوس المسيحية الموتورة، ولكن ما رأته الدول المسيحية اللاتينية من موقف الحكومات الإسلامية وشعوبها من عمليات إجلاء المسلمين واكتساح الإسلام، شجّعها على الإمعان في التنكيل بهم وعلى غزوهم في عقر دورهم، واحتلال أوطانهم الواقعة على السواحل الافريقية، وسواء أكانت الخطة قديمة أو أوحت بها نتائج الانتصار والتنصير والإجلاء فهي طبيعية كامنة في النفوس.

بدأ الإسبان والبرتغال باحتلال عدة مدن على سواحل مراكش وفي سنة ١٥٠٩ ميلادية احتلّوا المرسى الكبير ووهران من الثغور الجزائرية، وتداعت القرصنة الاستعمارية من إسبانيا وفرنسا والبرتغال إلى احتلال ما يمكن من الثغور الجزائرية والتونسية، ومطاردة الإسلام بمطاردة أبنائه واستعبادهم، مثل ما تمّ لهم بالأندلس.

ولولا أن قيض الله لنجدة المسلمين ونصرة الإسلام القائد التركي البحري العظيم بابا عروج وأخاه وقريعه القائد خير الدين، لتمّ في شمال إفريقيا ما تمّ في الأندلس من استعباد المسلمين وإكراههم على التنصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>