للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصراع بين الإسلام وأعدائه *

الصراع بين الحق والباطل قديم، كان منذ خلق الله البشر وجعل للأهواء حظًا من السلطان على نفوسهم. ومن فروع هذا الصراع، الصراع بين الإسلام والكفر، فقد صرع الإسلام في عنفوان قوّته السماوية الأولى كل ما كان قائمًا من الأديان والنحل الباطلة ومزّق بنوره وبرهانه الضلالات التي كانت مغطّية على العقول حتى استقرّ في قراره من النفوس والأقطار وضرب بجرّانه في القطعة العامرة من أرض الله.

وأصبح برهانه لائحًا وبيّناته واضحة وقوّته غالبة فإما مسلم وإما ملق بالسلم، ومن كلمته العالية أنه جعل فريضة الدعوة إليه كلمة باقية في أهله تتوجّه إلى الضال ليهتدي وإلى المهتدي كي لا يضل.

فلما ضعفت الدعوة إلى الإسلام في المسلمين بما شاب هدايتهم من ضلال وما خالط عزائمهم من وهن، ثم تلاشت بتفرّقهم فيه واشتغالهم بالجدل الداخلي وغفلتهم عن فوائد الدعوة فيهم وفي غيرهم وبعدهم عن منبع هدايته الأولى هاجت عليهم دعايات الأديان الأخرى وما تفرّع عنها من مذاهب مادية تغري بالمادة وتؤلّهها ومن مذاهب فكرية تغري الفكر المسلم بالمروق من الدين وخلع ربقته ثم تشعّبت هذه المذاهب الفكرية إلى شعبتين: واحدة تسعى سعيها وتبذل وسائلها لفتنة المسلم عن دينه وإدخاله في دين آخر، وهذه الشعبة تجعل هدفها أطفال المسلمين الأحداث والأخرى تريد المسلم أن يخرج من الإسلام إلى الإلحاد المحض الذي يكفر بالأديان كلها، وهذه الشعبة تجعل هدفها شباب المسلمين لما يصحب الشباب من قوّة الإحساس وسرعة التأثّر وتأجّج العاطفة والميل إلى الانطلاق.


* مجلة "الأخوة الإسلامية"، العدد العاشر، السنة الثانية، بغداد، ١ شوّال ١٣٧٣هـ الموافق ٢ جوان ١٩٥٤م.

<<  <  ج: ص:  >  >>