للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يئس الاستعمار من آسيا ويئس شيطانه أن يعبد في أرضها فقنع منها بما دون ذلك، وهو بث البغضاء بين شعوبها، وإثارة الشقاق والنزاع بينهم على صغائِرَ هُنَّ من صنع يده، فكرَّ على إفريقيا ذات الشمس الضاحية، والسماء الصاحية، والقرب القريب من منابعه، والنفوس المتطوعة لتحريك أصابعه، ليتخذ من أهلها وقودًا بشر للحرب، ومن سوائلها المكنوزة وقودًا لآلاتها. وباب افريقيا ومدخلها الموطأ الأكناف بالنسبة إلى أوروبا وأمريكا معًا هو الجزائر، فمن هنا نشأ التهافت الذي نراه من فرنسا على هذه القطعة من إفريقيا، بحيث لو استطاعت أن تردم البحر المتوسط لتصبح الجزائر قطعة بر متصلة بفرنسا فتصحح دعواها فيها، فإذ لم تستطع، فلا أقل من أن تكون بوّابًا لهذا الباب، وحارسًا لهذا المدخل، لتنال من دهاقنة المال الأمريكيين والإنكليز أجر الحراسة على الأقل، وللأمريكيين حاسة سادسة للشم، ولكنها لا تشم إلّا رائحة الذهب والنفط، فهم يجرون مع كل خيال يخيل لهم وجود الذهب والزيت، والجزائر وصحراؤها غنيّة بهذين النوعين، فكيف لا تكون مهوى أفئدتهم، وكيف لا يسيل لعابهم إذا ذكروا أن الجزائر مفتاح إفريقيا كلها.

أما إخوانكم المجاهدون الجزائريون فقد عقدوا النية وصمّموا وعاهدوا الله على أن لا يكون للاستعمار من ظاهر أرضهم موضع بيت، ولا من باطنها دانق ذهب، ولا قطرة زيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>