للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسنطينة، سمندو، عزابة، مزغيش، عين قشرة، الميلية، الشقفة، أولاد علال، جيجل، القرارم، شاطودان، العلمة (سانت آرنو)، سطيف، حضنة أولاد دراج، برج بوعريريج، وهناك جاء العمل الحازم، ورجع عزم الأستاذ إلى الصول، ونشط لسانه إلى القول، واستهلّ سلسلة أحاديثه ودروسه بخطبة في الاحتفال بختم دروس معهد عبد الحميد ابن باديس بقسنطينة، وبحديث في مؤتمر شُعَب جمعية العلماء بعمالة قسنطينة كما تكلّم في غالب البلدان السالفة الذكر، ثم سافر إلى الجزائر، وما مكث عند أهله- حسبما أخبرنا- إلا ثلاث ساعات سافر بعدها إلى المدية، وألقى فيها درسًا بالجامع الجديد، ومنها إلى الأغواط (وقد نقل بعض أحاديثه فيها الأخ أبو بكر ونشره في "البصائر" في حينه) ثم عاد إلى المدية فتقبل فيها دارًا عظيمة وهبها لجمعية العلماء محسنان كبيران لتكون مدرسة للتعليم، وبعد صلاة الجمعة في الجامع الجديد ألقى محاضرة أعلن فيها تبرع المحسنين بالدار وأعلن حكمه عليها أن تكون مدرسة خاصة بالبنات مؤلفة من ثمانية أقسام، وألزم رجال المدية باسم العلم أن ينهضوا لبناء مدرسة للبنين، وأنحى عليهم باللائمة في التقصير والتأخّر في مضمار التأسيس حتى على القرى الصغيرة مع أنهم من السابقين في النهضات على اختلات أنواعها، ثم قصد الأصنام بدعوة من جماعة مدرستها "مدرسة ابن خلدون" ليتكلم في احتفال أعدّته المدرسة، ولم يرجع إلى الجزائر إلا في أول رمضان.

إن نسينا شيئًا من عيوبنا فلا ننسى أن أكبرها هو إضاعة مثل هذه الدروس والمحاضرات، وإن فيها- والله- لكنوزًا من العلم والحكمة غالية، وإن أسينا فأول ما نأسى عليه أن لا يرافق الأستاذ العظيم في كل جولاته اثنان أو ثلاثة من الكتاب ليدوّنوا كل ما تنفرج عنه شفتاه، وكل ما يلفظه لسانه العذب الحكيم من الدرر، أما أنا فحسبي- أخيرًا- أن أقدّم إلى القرّاء ما يلي:

...

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

أما بعد: فإن الأمم تعرف في هذه الحياة بأيامها، والأيام أفراح وأتراح، الفرد فيها كالجماعة، وإن أعمار الأمم منها ما كان كله كالصفحات البيضاء نقاء وإشراقًا، ومنها ما كان مظلمًا حالك السواد، وإذا درسنا بدايات الأمم ونهاياتها- وهي ضارية في القدم والطول- وجدناها كبدايات ونهايات الأفراد سواء بسواء، وإذا أمعنّا النظر في أيام الجميع السارة لم نلفها إلا قليلة جدًا، وكذلكم كانت أيام المسلمين الزاهية السعيدة تكاد تعد على الأصابع، وما كان يوم بدر إلا من هذه الأيام القليلة، وما كانت واقعة بدر إلا من هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>