للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللأميري عادة خاصة برمضان، وهي أن يصلّي الصبح مغلسًا، ثم يتلو جزءًا من القرآن تلاوة متدبّر، ثم ينام قليلًا بعد طلوع الشمس، فإذا استيقظ نظم الخاطر الذي يصحب تلك اللحظة في خمسة أبيات، فإن تعددت الخواطر نظم كل خاطر في خماسية، حتى لينظم في الصباح الواحد ثلاث خماسيات أو أربعًا، وقد اجتمع له من هذه الخماسيات ديوان صغير، ورأى لإعجابه بـ «البصائر» أن تتولى نشرها تباعًا، كل خماسية في عدد، و «البصائر» ترحّب بالشعر والشاعر، وبهذا اللون الجديد العامر، وترى أن أحكم الشعر ما صوّر خواطر صاحبه، وأن خواطر الشعراء هي مادة لشعرهم كيفما كان وزنها ولونها.

...

وللأميري صلة وثيقة بجمعية العلماء، فهو متّصل بمبدئها الإصلاحي اتصال العقيدة والعمل، وهو متّصل برجالها منذ كان طالبًا في باريس قبيل الحرب الأخيرة، وهو معجب بـ «البصائر» مواظب على قراءتها من ذلك الحين، وهو يرتفع برئيسها الأول عبد الحميد بن باديس، ورئيسها الحالي محمد البشير الإبراهيمي إلى الصفوف الأولى من قادة الإسلام، وهو معجب بشاعر الجزائر محمد العيد، يحفظ كثيرًا مما نشر من شعره في «البصائر» ويتغنّى بمطالعه وغرره. وها نحن أولاء ننشر خماسية في كل عدد وقد ننشر له قصائد كاملة في مناسبات خاصة.

وما زال الأدب العربي يظفر في كل عصر من عصوره بهذا الطراز من الشعراء الوزراء، وإن لم يكن بين الوصفين تلازم عقلي ولا عرفي، عرف منهم تاريخ الأندلس عشرًا، وعرف منهم عصرنا الحاضر فؤاد الخطيب وخليل مردم وعبد الوهاب عزّام وعمر الأميري، فهل يطمع كل الشعراء أن يصبحوا وزراء؟ أم أن دولة الأدب ستضن برجالها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>