ولكن الناس كانوا أعقل من أن تؤثر عليهم هذه الدعايات، وأعلم بمن يضلهم ومن يهديهم، وأعرف بمن يستزلهم عن أموالهم ليضعها في جيبه، وبمن يأمرهم بالعدل والإحسان ليضعوا أموالهم بأيديهم في يد الله فتكون حسنات في الآخرة ونفعًا في الدنيا، ولعل هذا هو الذي تنقمه منا تلك الجريدة وباعتها، وتنتقم لأجله من المدارس بإفسادها لأنها تنقص عليهم "المدخول"، ومن شك في هذا فليتصفح جريدة "المغرب العربي" بوجهيها ولينظر هل دافعت عن حرية التعليم العربي؟ وهل انتقدت القوانين الجائرة الخانقة للتعليم العربي؟ وهل انتصرت للمدارس العربية التي يغلقها الاستعمار كل يوم؟
إن هذا الصنيع من أصحاب "المغرب العربي" وباعته في حديثهم عن زكاة الحبوب وفلسطين- يلزمهم بواحد من اثنين ولا ثالث لهما. إما أنهم يعتقدون حقا أن الحبوب تجمع لفلسطين، وعليه فهم أعداء لفلسطين يصدون الناس عن إعانتها، وإما أنهم يعلمون أنها تجمع للعلم، وعليه فهم أعداء للعلم يصدون الناس عن إعانته وإمداده، وأحد الأمرين لازم لهم لا يستطيعون عنه انفكاكًا.