للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو شيء آخر غير الحظ، هو شيء تشمه الحكومة الجزائرية بحاسة زائدة فيها، فتميز به السابق من أدواتها من المقصر، ودع عنك المؤهلات العلمية، ودع عنك الموازين الصحيحة، ودع عنك القيم المعقولة، فذلك كله لا قيمة له، ولا عبرة به في هذا الباب، ودع عنك حُرمة الدين، فلو كان للإسلام حرمة في نفس هذه الحكومة لما خاض هذا القلم في هذه المستنقعات، ولو كان له في نفسها اعتبار، لاشترطت في طلاب وظائفه أقل ما تشترطه في طلاب وظائفها. إننا لنعلم السر في هذه النغمة الجديدة، وهي إدماج العاصمي في ذوي الأتباع، فهي تريد إيهام البسطاء بأن له أتباعًا، حتى تقيم منه ومنهم معارضة في سبيل الحق، ومن زين له المنطق أن يجعل الشاذ قاعدة، فكيف لا يهون عليه أن يجعل من الفرد أمة، ومن الخيال حقيقة، ومن المحال ممكنًا؛ ونقول للذين يتوهمون وبوهمون أن للرجل أتباعًا: إن أتباع هذا الرجل من جنس مذهبه، وإن المقدمة الأولى لنتيجتكم هذه قد ممبقتها بأعوام، يوم أمسى ناسخًا في محكمة موجودة. فأصبح رئيسًا لمذهب معدوم، فتباعد طرفي القضية يقدح في هذا الإنتاج؛ فإذا سوغ لكم منطقكم أن تقولوا: هذا مفتي مذهب، وكل مفتي مذهب له أتباع، فلا تأمنوا أن يقول قائل: إنه مفتي مذهب غير موجود، فله أتباع ... غير موجودين ... فإن قلتم: إنكم لا تريدون المذهب الفقهي، وإنما تريدون المذهب (الصناعي)، قلنا: إن هذا المذهب لا يتبع العاصمي فيه إلّا الأخسرون أعمالًا، الأضلون سعيًا.

...

ما أشأم العاصمي على نفسه! فقد سكتنا عنه فأبى، بعد أن جارانا فكبا، وما تحدئنا عنه في الماضي إلّا باعتباره أداة لا شخصًا، وما سكتنا عنه بعد ذلك إلّا لأننا أوسعنا تلك الأدوات تحطيمًا وتهشيمًا، ورُغنا عليها ضربًا باليمين، ولكن هذا الرجل (المصنوع) يأبى علينا إلّا أن نعتبره ثميئًا قائمًا بذاته، ولذلك فهو لم يسكت حين سكتنا، وتمادى على السب والشتم ليشغل العاملين بهذا الفراغ، وليؤدي عملًا كعمل الإفتاء، في وظيفة كوظيفة الإفتاء، وليكون في هذا الزمان (ذا الوظيفتين)، كما كان يقال في أيام عز الإسلام: ذو الرياستين وذو الوزارتين. هاج هذا المخلوق الشر بتماديه في الشر، وجنى على نفسه وعلى شركائه الراضين بصنعه، وقديمًا فهمنا أن له أربًا في اللجاج والمراء، لأن هذه الطريقة هي التي تظهره وتقربه زلفى إلى آلهته، ولكن هل لشركائه مثل أربه حتى يعرضهم لما كانوا منه في أوسع عاقبة؛ إنه لهم مولى شؤم، وعشير سوء، لبئس المولى، ولبئس العشير!

وها نحن أولاء نعود للحديث عنه مكرهين، ولا نخوض من جديد في شبهاته التى يظنها حججًا، وضحضاحه الذي يراه لججًا، إذ بعض المحظور في ذلك أننا نحقق له بعض مناه،

<<  <  ج: ص:  >  >>