للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا غش ولا مواربة ولا حيلة ولا تغطية بموظفيها وأذنابها، ولا تفرقة بين المساجد وأوقافها؛ ونحن نتخلى عن حقنا كجمعية، ولا نتمسك إلّا بحقنا الطبيعي الذي لا تستطيع هذه الحكومة ولا غيرها أن تجردنا منه، وهو أننا أفراد من الأمة، لنا رأي في كل ما يضرها وما ينفعها، أما مع ما نعلمه ونستيقنه من أن في مطابخ الحكومة آراة تطبخ وتكون، وفي مكاتبها برامج تخطط وتحضر، وأنها- كلها- ليست في مصلحة الأمة ودينها، وإنما هي مصلحة الحكومة بالذات، وفي صالح رهط من أصحاب المطامع والأغراض بالتبع، فإننا نثبت في موقفنا، ونواصل التشهير بالظلم والتشنيع عليه حتى يموت الظلم أو نموت.

...

قضية فصل الدين، وقضية حرية التعليم العربي، هما مبدأُنا الذي لا نحيد عنه، وهما ميداننا الذي لا نبرح منازلين الحكومة فيه، ومواقفنا فيهما هي التي أثارت- وما زالت تثير- سخط الحكومة وغضبها علينا؛ وعناد الحكومة فيها هو الذي يُلجئنا إلى التوسل بكل وسيلة في الوصول إلى غايتنا فيهما، حتى خيل إلى هذه الحكومة أننا جمعية سياسية متسترة بثوب الدين، وأشاعت ذلك على ألسنة سماسرتها ودعاتها حتى ملأت به الدنيا، وهي مخطئة في هذا الفهم، أو متعمدة له، لتستبيح به كل ما تعاملنا به من عسف وإرهاق، فلتعلم هذه الحكومة أننا في سبيل مبدئنا احتككنا بالسياسة وشاركنا في مؤتمرها، واتصلنا برجالها، واصطلينا بنارها، وفي سبيل مبدئنا نأخذ بجميع الأسباب إلّا سببًا يحرّمه ديننا، أو يأباه علينا شرفنا؛ ومن ابتلي بمثل هذه الحكومة في عنادها للحق، وتصلبها على الباطل، أدركه الإعياء فملّ، أو اشتبهت عليه السبلُ فضلّ، أو خانه الصبر فزل، أما نحن فوالله ما زلت لنا قدم، ولا زاغ لنا بصر، ولا ضعفت لنا عقيدة، ولا غامت لنا بصيرة، وإننا نأتي ما نأتي وعقولنا في مستقرها ... وطالما صارحنا هذه الحكومة- في غير خلابة- بأنها هي التي خرجت من وضعها فأدخلت الدين في السياسة، فاضطرتنا إلى أن نقابلها بالمثل فندخل السياسة في الدين؛ والبادئ أظلم، على أن تدخلنا في السياسة أدنى إلى الشرف، وأبعدُ عن الاستهجان من تدخلها في الدين.

...

لا ندري في أيّ قسم تعد هذه الحكومة مساجدنا التي استبدت بها، وأوقافنا التي احتجنتها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>