للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإياب وأجور المحامين، وعلى ذلك كله فهم صابرون، محتسبون عند الله ما نالهم من أذىً في أبدانهم، ونقص في أموالهم، معتقدون أن العاقبة للمتقين ...

ونودي على القضية في محكمة الاستئناف في الأسبوع الماضي بعد حول كامل وزيادة من يوم نشأت، ولكنها لم تفصل بل تأجّلت، ولا يعلم إلا الله بماذا تنتهي؟

...

من لي بمن يسجّلها ويعجّلها لعنةً خالدةً على الاستعمار؟ ومن لي بمن يزجيها ولا يرجيها سبةً تالدةً له ولأنصاره في العالمين؟ ومن لي بمن يصبّها ولا يغبّها دموعًا سخينة على جدث الإنصاف وعلى رُفات المنصفين؟ ومن لي بمن يرسلها صارخةً صاخَّةً في آذان أدعياء الديمقراطية ودُعاتها والمدّعين لها، أينما حلّوا، أن يتصدّقوا علينا مشكورين بالكفّ من هذه الدعوة الدعية، فقد غثت ورثت، وسمُجت و (خمجت) (٤)؟

قضية بسيطة، أساسها ظلم، وحائطها بغيٌ، وسقفها عدوان، وأصلها الأصيل "فتح مكتب قرآني بدون رخصة حكومية" تتدحرج من محكمة إلى محكمة، ومن حاكم إلى حاكم، حولًا كاملًا: أفي الحق هذا؟ ... كلا.

وفي كل دور من أدوارها يتجشم المتهمون فيها قطع مائتي ميل ذهابًا وإيابًا، وإنفاق ما هم في حاجة إليه لقوت عيالهم في الركوب وأجور المحامين. أمن الإنصاف هذا؟ ... كلا.

إن حولًا كاملًا ليكفي لفضّ مشكلة برلين وما أشبهها من مشكلات العالم الكبرى، ولكنها لم تكف لفصل قضية جمعية بني منصور، المتعقدة المتشعبة التي ظهر فيها وجه الحق لرجال الإدارة فاتهموا وطالبوا وحرّروا التقارير واستعدوا فيها المحاكم العدلية. وخفي وجه الحق فيها على غيرهم. ولعل الذنب في هذا التطويل الذي استغرق حولًا كاملًا، محمول على الزمان الذي أصبح ... ولا بركة فيه ...

وسلني أنبئك عمّن جندت الحكومة لهذه القضية التي نزعم نحن أنها بسيطة. إنها جنّدت كبير الجماعة، والحارس، والجندرمة، والبوليس السرّي والعلني، والمتبرع والمتصرّف، وأعوانه ورئيسه، وعامل عمالة الجزائر، وقاضي الصلح بمايو، وقضاة الاستئناف بالجزائر، كلّ هؤلاء مرّت بهم هذه القضية، وكلهم نظروا فيها وفي أوراقها وملفاتها.


٤) هذه اللفظة عامية، ولعل لها أصلًا من قول العرب "ماء خمجرير" أي متغير منتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>