للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأعراض الطاهرة، الفاتكين بالمهج البريئة، المثخنين في شعب أعزل: ورويت الضواري الوالغة من دماء هذه الأمة، وشفيت الصدور المغيظة عليها من الغليل، وأفاق المظلومون من غمرة الذهول، على حمى مستباح، ودماء مطلولة، فرفعوا أصواتهم يطلبون من فرنسا إرسال لجنة برلمانية للتحقيق الذي لا يردّ فائتًا، ولا يحيي مائتًا، ولكنهم كانوا ينادون صخرة صمّاء، ومن عجيب ما رآه الناس في تلك الحادثة أن بريقًا من الإنصاف لاح في نفس بعض المسؤولين هنا فانتدب شخصين اثنين للتحقيق في أول بقعة اندلع فيها لهيب الحادثة، وأحد الشخصين فرنسي منصف، والآخر جزائري متعفّف، ولكنهما رجعا ليومهما، وحيل بينهما وبين الاطّلاع على أصغر جزئية في القضية.

ووقعت بعد ذلك حوادث (دوّار السطح)، وأتت بما تقشعرّ منه الجلود، وانجلت الحقائق بالوثائق، فلم يتحرّك من فرنسا ساكن، ولا نبض لها عرق.

ووقعت في السنّة الماضية حوادث (دوار علي بوناب) فكانت تمثيلًا للوحشية في أشنع صورها، وكثر فيها القيل والقال، والجواب عن السؤال، وطارت أخبارها إلى ما وراء الستار الحديدي، ولكن فرنسا طردت القاعدة، فظلّت قاعدة.

...

وفي هذه الأيام تجري حوادث صامتة الظواهر، مفصحة البواطن، مسبوقة بالأمثال والشواهد، تومض نارها من خلل الرماد، ولكنها تُنسي كل ما قبلها في الترويع والتجنّي، وإن لها لغاية في الكيد، هي سائرة إليها، فمن أين نلتمس العدل فيها؟ أمن فرنسا؟ ...

<<  <  ج: ص:  >  >>