للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن اختلاف الأنظار في أوائل نهضات الأمم ضروري وطبيعي ولكنه قد يطغى فيه غير المعقول على المعقول، فيكون ذلك عائقًا للسير ومطيلًا للمدة وقاطعًا عن التقلّم ومميتًا للشعور.

أيها الإخوة،

إن المهمة التي تقوم جمعية العلماء المسلمين بأدائها- وهي السير بهذه الأمّة إلى الحياة من طريق العلم والدين- هي أقوم الطرق وأمثلها وأوفقها لمزاج الأمة. وسيأتي يوم توضع فيه الموازين القسط للعاملين وستتبين الأمة الأوفياء من الغادرين والنصحاء من الغاشين، وستجزي هداتها تكرمة وذكرًا في الآخرين.

أيها الإخوة،

أنا لا أعتد من هذه الأمة بملايينها الستة، وهي على الحالة التي نراها عليها من التفكّك والتخاذل وضعف البصائر في دينها ودنياها، ولا أَعْتَدُّ من عناصر الحياة فيها إلا بهذا العنصر الذي بدأ يتكوّن حول عقيدة واحدة ومبدإ واحد، معتصمًا بالحق متسلّحًا بالصبر والثبات، متدرّعًا بالفضيلة، عالمًا أن الحياة في الدنيا للعاملين وأن العاقبة في الآخرة للمتّقين، وأن سنة الله كفيلة بذوبان العناصر الضعيفة كلها، وسيغتالها الجوع العقلي لأنها لم تعلم، وسيغتالها الجوع البدني لأنها لم تعمل، فلا يبقى إلا هذا العنصر المستعدّ للبقاء.

فعلى العاملين من قادة هذه الأمة وهداتها أن يتعاهدوا هذا العنصر النامي بالعناية، وأن يحوطوه بالرعاية، وأن يأخذوا بيده إلى الكمال الذي استعدّ له، فلا يمضي زمن حتى تتكوّن لنا أمّة صحيحة العقول، صحيحة العقائد، صحيحة التفكير صحيحة الأبدان، صحيحة الأعمال.

تلك هي الأمة التي نرجوها ونعلّق عليها الآمال. تلك هي الأمّة التي تمحو سيّئاتنا بحسناتها، ونتّكل عليها أن تثأر لنا من الزمان، وأن الاتكال على الضعيف ضعف، وأن الاتكال على القويّ قوّة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>