يجب على طرفين أن يشكرا الله على هذه النعمة الجليلة شكرًا عمليًا: الطرف الأول هو حكومة باكستان وشعب باكستان، والطرف الثاني هو الأمم الإسلامية.
أما شكر الأمم الإسلامية فقد تحقّق وتجلّى في هذه العناية التي رأيتموها من العالم الإسلامي في استجابته لدعوة ترسلونها مع رسول أو في البريد، وإذا هو مقبل عليكم مرسل إليكم بأفلاذ كبده وخلاصة علمائه وقادته وخطبائه وزعمائه، كأنه متحنث عابد سمع أذان الصلاة، وهذه وحدها نعمة عليكم لم تظفر بها أمة من الأمم الإسلامية ولا حكومة من حكوماتها.
وأما نوع الشكر العملي الذي يجب أن تؤديه باكستان حكومة وشعبًا فهو مقسّم عليها لتحفظ به هذه النعمة وتحصنها من الزوال.
فالحكومة يجب عليها أن تشكر الله على هذه النعمة بمحافظتها على الإسلام عقيدةً وعملًا وحكمًا وأدبًا ولغةً، وأن تفرض على رجالها أن يكونوا قدوة للناس في هذا.
والشعب يجب عليه أن يشكر الله على هذه النعمة بعدم الاختلاف، وعرفان قدر هذه النعمة، والسعي الحازم في توجيه الرأي العام إلى الاتحاد بتوحيد طوائفه المختلفة إليه، فعلماء الدين يتقاربون فيقف كل واحد عند قدره الذي وضعه فيه القدر ويُسَلِّم العالِم للأعلم، والكبير للأكبر.
إن المسلمين بدأوا يرتابون فيكم من هذه المؤتمرات المتعاقبة التي وجّهت الدعوات من باكستان وبعضها يحمل اسمًا واحدًا، وإنني أعرف بالأمم الإسلامية منكم أيها الباكستانيون، فلا تغرّنكم هذه الاستجابات السريعة من إخوانكم، فيومَ يعلمون عنكم اختلافًا أو اتباعًا لهوى مطاعًا سينفضّون عنكم وينبذونكم، ويومئذ تدعون فلا يستجيب لكم أحد، فترجعون إلى أسوأ مما كنتم عليه، فاستديموا هذه النعمة بالمحافظة عليها، والنعمة إذا عَظُمت عَظُمت تبعاتها ومسؤولياتها.
أنا لا يرضيي أنني في وطني كلٌّ، لأنني مرجع لإخواني العلماء، ومطاع من أتباع جمعيتي، لأن هذا الكلّ مهما قَوِيَ ضعيف، ولكن يسرّني أن أكون جزءًا من هذا الكل العظيم وهو علماء الإسلام، بل أفخر بهذا وأعلم ما له من الآثار النافعة للأمم الإسلامية.
كلنا جند النبي، ليس فينا أجنبي.
أربعوكم أن نتأدب بأدب جديد وهو الاقتصاد في المجاملات والألقاب وتقارض الثناء.