للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمال وفي معانيه، وفي مجاليه، وفي تذوقه، مشارب متفاوتة، تبتدئ من "الملإ الأعلى" وتنتهي إلى "الغرائز السفلى"!

الشاعرية في شاعرنا الأميري قوية، حية، موهوبة، مشبوبة، جيّاشة، وهي مستندة على حظ من البيان العربي غير قليل، وثروة من اللغة محيطة بالمعاني التي راض الشاعر قريحته على النّظم فيها، وتبدو لسلاستها وسهولتها فطرية سليقية، لا تكلف فيها ولا عسر، مفصّلة على المعاني، موزّعة على الأغراض، كأنها لم تخلق إلا لها!

ولكم تمنيت لهذه الشاعرية القوية لو صحبها توسّع لغوي، وقراءة متأنية لفحول البلاغة، وإذن، لجاء من هذا الشاعر، نادرة العصر، ولَتكشّف عن فحولة تخمل الفحول.

أنا آسف جد الأسف، أن لا تنشر هذه المقاطيع الجميلة، وأن تبقى هذه القصائد من غير نشر، وقد لمت الشاعر، في دلال الأبوّة على هذا التقصير، وقلت له: إن هذا إزراء بالأدب الرفيع، ووأد لكرائم الشعر، وهي من عمرها في الربيع، وفهمت من ملابساتي للشاعر أن هذه النزعة منه راجعة إلى طبعه المتأصّل في الصلاح والتقوى، وأنا أطمع أن يكون لكلامي تأثير في نفسه، فيتحف الأدب العربي بهذه العرائس المخدرة في القريب. ولئن جاد بذلك، لَيجدنّني في طليعة المنوّهين بهذا العمل الجليل ...

كراتشي، باكستان في ١٤ رمضان ١٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>