للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنقض العهود وتجاوز الحدود، ومع مفترس ما زالت أظافره حمراء من دماء المسلمين والعرب، وما زال واضعًا قدميه النجستين على البقاع الطاهرة من أرضنا في "القناة" من مصر وفي "الحبانية" من العراق وفي "المفرق" من الأردن، وما زال ممتدًا كالسرطان على الشواطئ الشرقية لجزيرة العرب، وما زال في السودان يماطل بالوعد الباطل.

كل هذه الأوصاف تعبير لجنس اسمه الانكليز، وكل تلك البلايا وأمثالها معها، شرح للمعاهدة التي تريد حكومة ليبيا أن تعقدها مع الانكليز.

أيها الإخوان الليبيون:

إنها ليست معاهدة ... إنها استعمار جديد أشنع من الاستعمار الإيطالي الذي بلوتم مره وعانيتم شرّه، إنها في مآلها تضييع للوطن واستعباد لبنيه ... إنها تمكين اختياري للعدو من رقابكم. إنكم ستصبحون بسببها غرباء في أوطانكم مستعبدين لأعدائكم ... إنها مكيدة خفيت حتى اتّضحت، واستترت حتى افتضحت، ودبّرت بليل لتغطية ما فيها من الويل.

أيها الإخوان:

سلوا إخوانكم وجيرانكم في مصر ماذا لقوا من العدو الغادر في مدة سبعين سنة. سلوهم هل صدق له معهم عهد أو بر له يمين. سلوهم هل جلا عن أرضهم في المواعيد الكثيرة التي قطعها على نفسه بالجلاء، وهل وقف عند نصوص المعاهدات التي أبرمها ووقع عليها؟

العاقل من اتّعظ بغيره فاتّعظوا ولا تقدموا على أمر فيه هلاككم وهلاك إخوانكم، فإن معاهدته معكم معناها الكيد لمصر وتطويقها. فبينما تجاهد لإخراجه من القناة الضيّقة إذا به يحادها بكم وبوطنكم الواسع الغني.

أيها الإخوان:

إذا نفّذت هذه المعاهدة فسترون بأعينكم بعد سنوات قليلة سماءكم وقد ملئت بطيّاراته، وأرضكم وقد غصّت بجنوده ومطاراته، وخيرات أرضكم مما على ظهرها وبطنها، وهي في قبضته يصرفها بمشيئته وفي قبضته، والاتصالات بينكم وبين إخوانكم في الشرق وفي الغرب وقد أصبحت مقطوعة ممنوعة.

أيها الإخوان:

إننا نخاطب الليبيين، وإن حكّامكم منكم فهم داخلون في الخطاب فليراجعوا بصائرهم، وليرجعوا إلى أمّتهم يستهدونها ويسترشدون بها، وإلى إخوانهم العرب يستعينونهم ويستنجدون بهم، وليخافوا عذاب الله وحساب التاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>