للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم الجمعية عشرات من النوادي المنظمة الجذابة، تلقي عليهم فيها المحاضرات العلمية والدينية والاجتماعية، وأدّت هذه النوادي أكثر مما تؤذيه المدارس والمساجد من التربية والتوجيه.

رابعًا: أنشأت الجمعية للعمّال الجزائريين في باريس وغيرها من مدن فرنسا عشرات من النوادي وزوّدتها بطائفة من الوعّاظ والمعلّمين من رجالها، يتعلّم فيها أولئك العملة ضروريات دينهم ودنياهم، ويتعلّم فيها أبناؤهم اللغة العربية تكلّما وكتابة، ويتربّون على الدين والوطنية، وقد استفحل أمر هذه النوادي وآتت ثمراتها قبل الحرب الأخيرة، ثم قضت عليها الحرب، ثم حاولت الجمعية تجديدها بعد الحرب، غير أن التكاليف المالية تضاعف واحدها إلى الآلاف، فكان ذلك وحده سببًا للعجز.

خامسًا: أنقذت الجمعية عشرات الآلاف من أبناء الجزائر من الأمية، بوسائل دبّرتها ونجحت فيها نجاحًا عجيبًا، وإن هذا العمل من غرر أعمالها لأن الأمية شلل الشعوب.

سادسًا: بعد هذه الجهود كلها، بقي من أبناء الجزائر مليونان من الأطفال محرومين من التعليم بجميع أنواعه، بشهادة الحكومة وإحصاءاتها الرسمية، فلا هي علّمتهم لأن سياسة التجهيل تأبى عليها ذلك، ولا جمعية العلماء استطاعت أن تنقذ ما يمكن إنقاذه من هذين المليونين، لأن مواردها المالية محدودة، تأتي من اشتراكات قليلة منظمة، ولأن الأغنياء والموظفين لا يجودون عليها بشيء، خوفًا من انتقام فرنسا، ومعلوم أن هذين المليونين، إذا لم يتعلّموا أو يتعلّم معظمهم، كانوا جنودًا للشرّ وأعداءً للإسلام والعروبة، فإذا تعلّم معظمهم غلب الخير فيهم على الشر وأصبحوا جنودًا للعروبة والإسلام والإنسانية.

سابعًا: بعد مساعٍ طويلة مرهقة، دامت سنوات لدى الحكومات العربية، تمّ لجمعية العلماء إرسال بعثات إلى الشرق العربي، من تلامذة معهدها ومدارسها، تدرس في الجملة على نفقة هذه الحكومات، ولكن القدْر الذي تمّ لم يزل قليلًا جدًا لا يحقّق الغرض من المقصود، ولا ما يقاربه، لأنه عبارة عن بعثة في مصر تتكوّن من عشرين تلميذًا، وأخرى في العراق تتكوّن من خمسة عشر تلميذًا، ومثلها في الكويت، وأخرى في سوريا تتكوّن من عشرة، وبعض هؤلاء لا تزال الجمعية هي التي تنفق عليهم، أو تساعدهم لعدم كفاية عون الحكومة لهم.

رغبات جمعية العلماء وآمالها في الحكومات العربية:

تقوم جمعية العلماء بهذه الأعمال الجبّارة التي تفوق قدرتها المالية، وقد تفوق قدرة الأمة أيضًا، وهي- بعد- لم تزل في حاجة ملحّة إلى إكمال وتثبيت ما بنته، ثم إلى إعلاء ذلك البناء والزيادة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>