للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يروك ماضيًا في الحال ... وواقفًا تندب في الأطلال

وعاكفًا في الدِّمن البوالي ... تبكي على عمارها الخوالي

منتصرًا لعصبة جهّال ... صيرها الظلم إلى الزوال

يا سوءَ حظ اليمن المحلال ... وشؤمَها إن انبرت للفال

وبخسها في الوزن والمكيال ... وغبنَها في الحال والمآل

أن كان مثل فاضل الجمالي ... في علمه وعقله الصوّال

وروحه وفكره الجوّال ... يأسى على طاغوتها المزال

من شدّها بأوثق الأحبال ... وسامها بالقهر والإذلال

وسامها بالفقر والإقلال ... وراضها بالسجن والأغلال

وعهدها وهو عليها الوالي ... أدهى من الطاعون والزلزال

فكم رأت فيه من الأهوال ... والنُّوَب الفظيعة الثقال

والكُرَب الكثيرة الأشكال ... والعُقَد العويصة الإشكال

ومن وباء سيط بالوبال ... ومن خباء نيط بالخبال

وعاد من فظاعة الأحوال ... عهد "سَبَا" في سالف الأحوال

أضحت بنوه من فساد الحال ... والظلم من إمامها الدجّال

عطشى وماء النهر كالجريال ... منهمر بعذبه السلسال

جائعةً والقوت كالرمال ... فقيرةً وهي ركاز المال

عاريةً حتى من الأسمال ... والحوكُ في جدودها الأوالي

قد كان فيهم مضرب الأمثال ... عزلاء حتى من عصيّ الضال

والسيف فيها أحد الأنجال ... شقيةً بالظلم والنكال

والسعد قد كان على الأجيال ... وسْمًا لَها وشارة احتيال

وتُربُها قد ثار عن غلال ... وعن جنًى غض وعن ظلال

وماؤها ينساب كالصلال ... بين الصخور الشم والتلال

من هم غيوث البذل في النوال ... وهم ليوث الغاب في الصيال

في النسب العد الصميم العالي ... والحسب العريق في الجلال

ما لكِ يا مُنْبِتة اللآلي ... والحجر الحرّ الكريم الغالي

ما لك يا منتجة الأبطال ... ذوي الحفاظ المر والفعال

ما لك يا مزرعة الغوالي ... عزت عن الأشباه والأمثال

ما لك يا منبتة العوالي ... من الرماح الذبل الطوال

أصبحت فى جدب وفي امحال ... جرداء مثل الغادة المعطال

وصرت بعد الحسن والجمال ... شَوْهاء مثل البائر المتفال

<<  <  ج: ص:  >  >>