للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعركة". ونودّ أن ننوه الآن بأمور أخرى. من بين الموضوعات الجديدة والمطولة موضوع "الاستعمار الفرنسي في الجزائر"، وهو حوصلة أربع محاضرات كان الشيخ قد ألقاها على طلبة معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة. لقد ابتعد فيها الشيخ عن موضوع الأدب والسياسة المباشرة، وعالج فيها تاريخ الجزائر بطريقة تلفت النظر. فكيف عثر الشيخ على المصادر؟ هل اعتمد على حافظته القوية فقط؟ والواقع أنه لم يستعمل الهوامش والتوثيق، ولم يلق المحاضرات من صفحات مكتوبة، وإنما ارتجلها كما هي عادته، ثم كتبها بعد الأسابيع الأربعة المحدّدة. وقد تصرّف في ذلك دون الارتباط بما ألقاه على الطلبة. ولكنه كان موفقًا غاية التوفيق في المنهج. فقسم تاريخ الجزائر إلى مراحل وانتهى به إلى عهد الاحتلال الفرنسي، وتحدث عن دور الأحزاب وجمعية العلماء، ونحن نجد آراء جديدة في هذه الدراسة حول القضايا المعاصرة من وجهة نظر دارس ومحلل ومعاصر، وليس كاتبًا لمقالة أو خاطرة سريعة. وكان الأجدر أن تطبع هذه المحاضرات- رغم أنها غير كاملة- في كراسة وحدها لتعميم فائدتها على الجيل الحاضر.

وقد وصف الإبراهيمي منهجه في الدراسة فقال: "وألممت فيما كتبت بشيء من تاريخ الجزائر من يوم أسلمت، ومن يوم تعربت، ثم بشيء من أخبار الدول التي قامت بها من أهلها، ثم مررت بتاريخ العهد التركي، وهو أطول العهود فيها، مرورًا أهدأَ مما سمعه الطلاب مني وأبطأ" أي أنه توسع في العهد التركي (العثماني) أكثر من غيره، ولم يتوسّع الشيخ في تناوله للاحتلال، وما صاحبه من تطورات سياسية وثقافية واجتماعية، رغم أنه عالج ذلك بتوسع، كما ذكرنا، ونفهم من المدخل الذي كتبه الشيخ لمحاضراته أنه قدمها بعد كتابتها، إلى إدارة المعهد لتطبعها وتوزعها على الطلاب. فهل طبعت المحاضرات فعلًا عندئذٍ؟ إننا لم نجد تعليقًا يفيدنا ذلك (٢).

ولعل من أفضل ما كتب الشيخ الإبراهيمي في هذه الدراسة هو وصفه للأحداث والشخصيات التي عاصرها أي منذ العشرينات، فقد ألقى أضواء كاشفة على قيادات ذلك الوقت، سيما الأمير خالد، والحاج محمد بن رحال، والدكتور موسى، والدكتور ابن جلول، وهي القيادات التي سماها "سياسية" فقط. كما تحدث عن الحركات الأخرى التي سماها "الوطنية" والتي منها جمعية العلماء وحزب الشعب وحزب البيان. ومن الأسف أن حديثه عن هذه "الهيئات" كما يسميها لم يغط سوى جمعية العلماء، وانقطع النص بعد ذلك. فلم نعرف هل أكمل الحديث عن الحِزْبَيْن المذكورين أو لم يكمله.


٢) الجواب عن هذا التساؤل في هامش الصفحة ١٤٧ من هذا الجزء (المصحح).

<<  <  ج: ص:  >  >>