للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أعداءنا الأقوياء بالأمس هم اليوم ضعفاء، وقد أصبحوا يلوذون بأكناف الأقوياء لذلك نراهم في هلع دائم يحسبون كل صيحة عليهم، يتقاوون وهم يتهاوون، وعلامة ضعف الضعيف أن يكثر الحديث عن قوته وَيُدِلّ بها على الضعفاء وأن يكثر اهتمامه بما يقوله الناس فيه، وأن يغضب للهمة واللحظة لا غضب الكبرياء المقرون بالتحدي، ولكن غضب الضعف المقرون بالشكوى، وهكذا يفعل الفرنسيون اليوم.

ولقد صاح الرئيس جمال عبد الناصر بالأمس صيحة وهتف بالجزائر التي هي قطعة ثمينة من وطنه العربي الأكبر، فثارت ثائرة الفرنسيين ولم يجدوا منطقًا تؤيده الحجة ولا حجة يثبتها المنطق إلّا قولهم إن الجزائر قطعة من فرنسا، وهي أغنية بلهاء ليس فيها ذوق ولا انسجام.

تعوز هذه الحركات المتأججة في المغرب العربي- وهي سائرة إلى الالتحام والانسجام- لفتات صادقة من حكومات الشرق العربي بالإمداد والتشجيع، فإن أخشى ما نخشاه على هذه الحركات أن تشتعل ثم تنطفئ لعدم الوقود. ولو أن أغنياءنا في هذا الشرق - ممن ينفقون الملايين على شهواتهم الشخصية- أنفقوا بعض ذلك في سبيل إخوانهم المعذبين لتحررت أرض المغرب كلها ومعها فلسطين.

إن هذه البوارق التي لاحت في جو مصر من تصريحات الرئيس جمال عبد الناصر ومن رجال الثورة ستتبعها صواعق تنقض على الاستعمار الفرنسي، فتدكه دكّا، وإننا واثقون بأنها لا تضيع هباء في الهواء، معتقدون أن لكل كلمة من تلك الكلمات موقعًا مكينًا من كل نفس من إخوانهم في المغرب العربي.

إن فرنسا ابتلعت أجزاء الوطن الواحد على ثلاث لقم، ثم أوهمتنا وأوهمت العالم أن هذه العملية لا تسمى ابتلاعًا، وإنما هي تكييف كيماوي تصبح به أمة متمدنة، وكذبها الله وكذبها طبع السوء فيها فكنا في حشاها أشواكا تخزّ وأوجاعًا تؤلم، فإذا هدأ الوخز والإيلام فإنما هي هدأة عارضة ثم تعود وستلفظنا مكرهة عند الحشرجة الأخيرة من حياتها، وسنكون سبب موتها.

عن مكتب

جمعية العلماء الجزائريين بالقاهرة

محمد البشير الإبراهيمي

والفضيل الورتلاني

<<  <  ج: ص:  >  >>