ومعذرة مكررة يا عيد، فلو حللت بوادينا والنفوس مطمئنة، والإسلام الذي أعلى يومك وأغلى سومك مرفوع الرأس، والعروبة التي كانت تفهم معناك وتعمر مغناك شديدة البأس، والمسلمون كلمتهم مسموعة ومجموعة، وقد تعارفوا فتآلفوا فتحالفوا على الصالحات، وفلسطين التي كانت تستجلي محياك وتنتعش برياك موصولة الأسباب بأوطانك، ومصر قد بلغت الأرب في زعامة العرب فقادتهم إلى السعادة والسيادة، والأزهر أصبح منبع هداية كما كان في البداية، والجزائر وتونس ومراكش قد استقلت، وفرنسا قد ألقت ما فيهنّ وتخلت، وأفغان وباكستان متآخيتان لم تنجم بينهما ناجمة الشر، ولم يلزمهما من شيطان الاستعمار نزر، واليمن قد جمعت سواحلها وانهضت إلى العلم والعدل رواحلها، والعراق قد راجع البصيرة فرجع إلى الحظيرة.
لو حللت بنا يا عيد ونحن على هذه الحالة لكنت لنا جمالًا، ولكنا فيك كمالا. ايه يا عيد انّ الوهم ليخيل إلي حتى كأن الوهم حقيقة أنك توحي إلينا العظات وتملي علينا المثلات:
وقد تنطق الأشياء وهي صوامت ... وما كل نطق المخبرين كلام
كأنك تقول:- لو أحسنا الاصغاء- لا أملك لكم نفعًا ولا ضرًا، ولا خيرًا ولا شرًا، ولا أسوق إليكم نحسًا ولا سعدًا، ولا برقًا ولا رعدًا، فاصلحوا أنفسكم واتقوا ربكم واعملوا صالحًا، واجمعوا كلمتكم، وصححوا عقائدكم وعزائمكم، وتحابوا في الله، وتآخوا على الحق، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين.