والمعنى الصريح لهذا كله أننا نطلب من الحكومات العربية أن تبني للأمة الجزائرية، التي هي جزء منها، هذه الأنواع من المدارس كما تبني في أوطانها لشعوبها، ولها أن تباشر ذلك بنفسها إن سمحت لها الأوضاع السياسية، ولها أن توكل جمعية العلماء وتحاسبها الجمعية على الفلس، كما هو ديدنها في الماليات.
إن في هذه "العملية" التي دعوت إليها الحكومات العربية معان جليلة من ملك القلوب وتمتين الروابط وتثبيت الأخوة ومراغمة العدو الذي صمم على فصلنا وجعلنا شيعًا يلعن بعضها بعضًا، فأعنّاه على ذلك بسوء تدبيرنا. ومن المحزن أن هذه المعاني الجليلة يدركها عدونا ولا ندركها.
...
وبقي الآن أن أحدث إخواني الأصفياء عن نتائج هذه السفارة التي طالت ثلاث سنوات، وهجرت لأجلها وطني وداري وعائلتي الصغرى وعائلتي الكبرى التي هي الأمة الجزائرية، وضحيت لأجلها بمصالح جمعيتي في الداخل، وقد كانت تستغرق أوقاتي كلها.
تم في النوع الأول ما يأتي:
أولًا: قررت حكومة مصر الملكية قبول عشرة طلاب بعثة من جمعية العلماء في معاهدها على حسب استعدادهم، وخصصت للواحد منهم خمسة جنيهات مصرية للشهر، وتتقاضى من كل واحد منهم في أول كل سنة دراسية رسومًا ذات أنواع تتحيف المخصص الشهري إلى أربع جنيهات وأقل في بعض الأوقات.
وقررت حكومة الثورة لأول عهدها قبول أربعين طالبًا على نفقتها، عشرين على المعارف وعشرين على الأزهر، فثبت نصيب المعارف بكل سهولة وحزم، ولم يثبت شيء من نصيب الأزهر، وأعياني التردد سنتين فسكتّ.
وفي السنة الماضية صرح لنا الرئيس جمال عبد الناصر بقبول مائة طالب جزائري بعثة لجمعية العلماء وتمت الإجراءات، ولكن قيام الثورة في الجزائر عطل البعثة عن
السفر، وما زلنا متمسكين بوعد الرئيس، فإذا تم الأمر من جهتنا يكون لنا بمصر مائة وخمسون طالبًا يدرسون على نفقة الحكومة المصرية، ولكن النقص في القضية أن المخصصات لا تكفي للضروريات، واستلزم ذلك أن نقوم لطلبة البعثة بالبقية وهي لا تقل عن مبلغ ما تدفعه الحكومة المصرية وقد تقلد في كثير من الأوقات.
ثانيًا: قررت حكومة سوريا قبول بعثة جمعية العلماء من عشرة تلاميذ لسنة ١٩٥٣ - ١٩٥٤، وعشرة لسنة ١٩٥٤ - ١٩٥٥.