للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُميّز الحق من الباطل؟ وأين الضمير الحي الذي يعترف بهذه الحقيقة؟ فإن من المؤسف أن لا نرى أثرًا لشيء من هذا، وأن العالَم لا يدين إلّا للقوّة، وأن أقوال فرنسا الباغية وإذعاءاتِها لَتجد أذنًا صاغية في هذا العالَم الضالّ الذي يتجاهل الحقيقة الباهرة في إسلام الجزائر وعروبتها، بل وصمودها على العروبة والإسلام برغم فتوحات غير المسلمين لها الذين لم يستطيعوا أن يحوّلوا فيها رجلًا عن دينه بينما استطاع هذا التحويل مَنْ فتح الأندلس العربية المسلمة.

إلى هذا الحدّ تعمى فرنسا عن الحقائق، وإلى هذا الحدّ تتجاهل الحرية والعدل والمساواة التي تسمّي نفسها بها، بينما الحقيقة الواقعة التي لا ريب فيها أن هذه المعاني السامية لا بدّ أن يوجد أحدها في أية أمّة من الأمم، وقد توجد كلها مجتمعة في شعب من الشعوب إلّا فرنسا هذه التي برهنتْ على أنها لا تحوي معنًى واحدًا منها.

وهذا قول خبير بفرنسا أقوله عن علم ودراية، وأنا الجزائري الذي عرف فرنسا في بلده المستعمَر من قبلها، المظلوم بحكمها، الملتاع بقسوتها، وأؤكّد لكم أنه لا يستطيع إنسان أن يعرف فرنسا على حقيقتها إلّا أن يراها في الجزائر، فهناك يرى فيها الأنانية المجسّمة والوحشية القصوى.

نعم فالجزائري هناك لا يمكن أن يبصر نور الحرية والحياة لأنهما وقف على فرنسا، وفرنسا وحدها.

نعم أيها الإخوان العرب، لِنُمجِّدْ ثورة الجزائر المقدّسة، لنمجّد هذه الثورة التي تحمي الوطن العربي الجزائري المسلم، لنمجّدها فتمجيدنا لها هو تمجيد للنبل والشهامة، للحمى والذمار، وستنتصر هذه المثل العليا، وسَيَحيا هؤلاء الأبطال الذين سينصرونها، هؤلاء الذين يجاهدون جهاد شخص واحد فلا يعترفون بكلمة أنت أو هو أو أنا أو أنتما أو أنتم، فكلها ضمائر في بطون الكتب ليس لها شأن في جهادهم الموحّد وقلبهم الواحد الفرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>