للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النطق ولا يركب لمطالبه إلا المشروع المعقول من الوسائل، ولا ييأس من إنصاف الحكومة وعدلها، فدعوا الكتابة في هذا الأصل- إن لزمت الكتابة فيه- لإخوانكم أعضاء مجلس الإدارة المطّلعين المسيرين لسفينة الجمعية المطلعين على دقائق الأحوال وجلائلها.

الثاني: الشخصيات- وما أدراكم ما الشخصيات- التي ما دخلت في أمر إلا أفسدته، فلا تتنزّلوا لدركاتها ولا تغمسوا أقلامكم في حمأتها.

الثالث: تحامل المتحاملين على الجمعية والجريدة بقصد الشغب وإثارة الكوامن الدفينة، فلا تتشاغلوا بهم ولا تضيّعوا أوقاتكم في الردّ عليهم، إلا أن يكون في الردّ عليهم درء لضرر محقق.

الرابع: أصل النزاع بيننا وبين خصوم الإصلاح، وهذا الأصل هو أدق المواضيع التي كتبت فيها الأقلام وجالت في ميادينها، وكانت تضطر أحيانًا بحكم البيان للحقيقة إلى تسمية الأشياء بأسمائها، فتجرح أقوامًا لم يتعودوا مرارة الحقيقة ولم يوطّنوا أنفسهم على مواجهتها كفاحًا، وهذا أمر قد كفيناه فلا نعود إليه وأصبح من حظ المحاورات الكلامية التي تقع في مجالس الدعوة والتذكير، ونشأت في المصلحين طبقات تقوم بالوسائل وتقوم بالكماليات فأراحوا الكتاب ومهّدوا لهم سبيل التفرغ إلى ما هو أهم وأولى.

أما أقلام كتاب "البصائر" فيجب أن تشرح الحقائق الكلية من دينية وعلمية، وتبيّن الحق بدلائله وشواهده، وتسمّيه باسمه، وتشرح الباطل وتفضحه بشبهاته وأوهامه بما نعهده فيها من نصرة الحق والغضب له، ولكن يجب أن تسمو عن النبذ والتلويح، وفرق بين أسلوب في الكتابة وأسلوب، ومعرض للكلام ومعرض.

وليعلم من لم يكن على بصيرة من أمرنا أننا لا ندعو إلا إلى الله ودينه ونبيّه وسنّة نبيّه وهدي السلف الصالح من أمّته.

وإننا لا ننكر على أحد لذاته أو اسمه أو شهرته، وإنما ننكر على المبطل باطله أو وقوفه في طريق الحق.

ولو أنصف خصومنا لعلموا أن إنكارنا عليهم هو دليل أخوّتنا لهم، بل دليل صدقنا في هذه الأخوّة، فلو لم يكونوا إخواننا في الدين لما أنكرنا عليهم ما أنكره الدين، وأن الدين الذي أوجب علينا أن ننكر المنكر يوجب عليهم الفيئة إلى الحق، ويوجب علينا جميعًا التحاكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه والرضا بحكمهما والتسليم لهما والرجوع إلى سبيلهما الجامعة، وقد دعوناهم إلى هذا ولا نزال ندعوهم، ونسأل الله لنا التوفيق والإخلاص في الدعوة ولهم الهداية والتوفيق للأنصاف، ولا نيأس من روح الله {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>