للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانصبَّت على الشعب بلايا القتل والتشريد من الديار، فقد تناقص ذلك الإمداد وأصبح الجيش المقاتل مُطالَبًا بالإنفاق على أكثر من مليون مشرّد.

إن من الحقائق الثابتة- أيها الأخ- أن القتل في الجزائر أتى على ما يقرب من مليون شخص، معظمهم من الشيوخ والصبيان والنساء، وأن اللاجئين إلى مراكش غربًا وتونس شرقًا يقرب تقديرهم من هذا العدد، وأن الجيش الفرنسي لما عجز عن قتال المجاهدين عمد إلى الفتك بالمصتضعفين من الرجال والنساء والأطفال، شفاءً لغيظه وانتقامًا لشرفه.

لهذا أرجو من فضيلتكم أن تقوموا لله قومة يرضى عنها، فتحثّوا الأغنياء الذين فاتتهم فريضة الجهاد بالنفس، أن يجاهدوا بأموالهم، فإن الجهاد بالمال قرين الجهاد بالنفس، ومقدم عليه في كلام الله، وأن القيام بواجب النصح هو مما تقتضيه وظيفة الأمر بالمعروف.

أيها الاخ، إننا ننتظر منكم موقفًا من مواقفكم المشهودة؛ تبيّنون فيه للشعب العربي السعودي أن كل ما قدّمه للجزائر قليل بالنسبة لعِظمِ الثورة وأعباء الجهاد وقيمة الشعب والحكومة التي ائتمنها الله على الإسلام ومناسكه، واختارها لحماية بيته والمحافظة على وفوده، ويقينًا إنكم واقفون في ذلك المواقف المحمودة.

أيها الاخ الكريم، هذه هي رسالتي يحملها إلى فضيلتكم وفد جبهة التحرير الجزائرية، إلى المملكة العربية السعودية، لمناسبة موسم الحج، وللاتصال بالحكومة السعودية الموقّرة في شؤون المجاهدين الجزائريين، التي أهمّها تسلّم المبالغ المالية التي تبرّع بها الشعب السعودي الكريم. فالرجاء أن تأخذوا بيد الوفد المذكور وأن تكونوا عونه لدى المراجع الحكومية العليا، حتى يقضي حاجته ويؤدي مهمته على أكمل وجه.

واقبلوا في الختام تحيات الأخوة الصادقة.

القاهرة في ١٣ يونيو ١٩٥٨.

من أخيكم

محمد البشير الإبراهيمي

رئيس جمعية العلماء الجزائريين

<<  <  ج: ص:  >  >>