للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أنه ليس لصاحب هذه الورقات شيء فيها يستطيع أن يضع يده عليه ويقول: هذا لي، إلا جملة في مقدمة الكتاب نبز فيها المصلحين بالإنكار على الاولياء فلم يوفق فيها لأنها جاءت نبزة عامية تَنِمُّ عن تصور عامي بسيط في ذهن مستوخم ثقيل، وما عدا تلك الجملة الباردة التي تنبز صاحبها بالجهل قبل أن تنبز المصلحين بالإنكار على الأولياء، ما عدا ذلك، فبضع حكايات منقولة من البستان لابن مريم ومثلها من نفح الطيب، كأن صاحبها قصها بالمقص من الكتابين ووضعها بين أيدي عمال المطبعة لينقلوها بنصها، ويولّدوا منها كتابًا اسمه "السعادة الأبدية" كما يفعل أصحاب جريدة النجاح (مثلًا) بالأهرام والبلاغ وغيرهما ليولّدوا منها جريدة اسمها جريدة النجاح.

فأين كتاب "السعادة الأبدية"، يا حضرة المدرّس، إذا قمنا بحق الوكالة العلمية ورددنا أمانة المقري للمقري وأمانة ابن مريم لابن مريم؟

أين كتاب "السعادة الأبدية" الذي لا نشك أنك أعلنت عنه قبل صدوره- وإن لم نتشرف بوصول الإعلان إلينا- ولا نشك أنك أذعت في قبيلك من المدرّسين وخلطائك من الأوروبيين ورؤسائك من المديرين (المتقاعدين) والواقفين، أنك مشغول بتأليف كتاب في مناقب الشيخ أبي مدين أو كراماته فتطلعوا، واستشرفوا، وترقّبوا، وانتظروا، فإذا بك لم تأتهم إلا بحكايات من كتابين هم أعرف بهما منك، فيا للخجل!

أين أثرك الخاص في الكتاب؟ وأين نتاج ذهنك منه؟ وأين ميسمك فيه؟ وأين طابعك عليه؟ وأين (شخصيتك) كما يقول الأوروبيون الذين طالما تطاولتم علينا باقتفاء آثارهم في طرائق البحث؟

إن شيئًا واحدًا مما سألناك عنه لا يوجد في كتابك، فلتعلم الآن أننا لسنا ننقم عليك صغر حجم الكتاب، فرب كتاب "صغير الحجم كثير العلم"، ولسنا ننقم منك تلك النبزة التي نبزت بها المصلحين في شيء تجهل أصله وفرعه، فما أهونها عليهم، ولسنا ننقم عليك تخصيصك الكرامات بالذكر تأييدًا لتلك النبزة، وإنما ننقم منك ومن أمثالك هذه الشعوذة المزرية بشرف العلم وهذا التهافت المخجل على الكتابة في مباحثه.

إنكم لا تزالون من انتسابكم للعلم وانتحالكم للتدريس تحت حماية "الديبلوم" في غفلة من الدهر وفي أوسع عافية منه، حتى إذا تقحمتم هذا التقحم وتهجمتم هذا التهجم على الكتابة والتأليف انتقم منكم العلم ففضحكم بأيديكم على رؤوس الاشهاد.

ألا أدلك، لوجه الله، على شيء لو فعلته كنت تحسن لنفسك فترفع ذكرها، وتحسن إلى العلم بزيادة شيء نافع فيه، وتحسن إلى القرّاء بإفادتهم شيئًا يقولون عنه هذا فكر المدرّس لا نقله، وتحسن إلى العالم الفكري الذي تعيش فيه وهو عالم لا يعرف (قال) إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>