للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطالب الأمة وحقوقها، وتتبادل فيه الآراء بين علماء الأمة ونوابها وذوي الرأي منها فيما يتفق من هذه المطالب والحقوق مع الأوضاع الحكومية الحاضرة.

هبّت الأمّة كلّها على صوت الداعي فأعلنت يقظتها وشعورها واستعدادها، وتضامنها واتحادها، وساعدها (اعتدال الزمان) على إظهار قواها الكامنة، وعلى انطلاق ألسنتها بالتعبير الواضح عن آلامها، فتجلّت جزائريتها وإسلامها للعيان في يوم مشهود هو يوم ١٧ ربيع الأول سنة ١٣٥٥هـ الموافق ليوم ٧ جوان ١٩٣٦، وفي مدينة تاريخية هي مدينة الجزائر، وفي صالة "الماجستيك" الفسيحة.

لم يمض على الجزائر الإسلامية، في تاريخ ارتباطها السياسي بفرنسا، يوم أغرّ محجل، تمثّلت فيه الأمّة روحًا وجسمًا، وتلاشت فيه الفوارق الاعتبارية كهذا اليوم. ففيه التقى، عن فكرة وعقيدة، الجزائري بأخويه القسنطيني والوهراني، وفيه اجتمع- على تلك الفكرة- المصلحون والطرقيون وعلماء الدين ورجال السياسة، والشيوخ والشبان والتجار والفلاحون والعمال، جمعت الكل صفتا الإسلام والجزائرية، ووحّدتهم قسوة الأيام، وألّفت بينهم المحن والهموم، فاندفعت ألسنتهم تعبّر عن رغائب الدين بلغة الدين، وعن رغائب الدنيا بلغة السياسة.

والنقطة التي يلتقي عندها الكل، هي الإسلام والجزائرية، لذلك كان ضروريًا أن يكون مدار البحث على الإسلام ولسانه، والمسلم وحقوقه في الحياة.

...

انعقد المؤتمر برئاسة الزعيم السياسي الدكتور ابن جلول، نائب قسنطينة المالي (١) ومستشارها العمالي (٢) ورئيس جمعية نوابها، ومثّل فيه نواب العمالات الثلاث جميع منتخبيهم، ومثّلت فيه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، المعنى العالي الذي هو سمة المؤتمر، وهو الإسلام، فحق أن يقال: إن الأمة الجزائرية كلها حُشرت في هذا المؤتمر، وإن قدرت الجرائد الفرنسية من ضمتهم قاعة المؤتمر بخمسة أو ستة آلاف شخص وحزرناهم نحن بسبعة آلاف أو يزيدون.

سبق يوم المؤتمر يوم تمهيدي بنادي الترقّي اجتمع فيه أنصار المؤتمر من شبّان العمالات الثلاث، قدموا في شكل جمعيات مفوّضة من طبقات الشباب الراقي العامل ليمثّلوا عنصر


١) نسبة إلى المجلس العالي الذي أسّسته فرنسا سنة ١٩٠٠ بالجزائر، ليشرف على ماليتها، وقد كان بمثابة البرلمان. أُلْغِيَ سنة ١٩٤٧، وعُوّض بما يسمّى "المجلس الجزائري".
٢) نسبةً إلى العَمَالَة وهي المحافظة أو الولاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>