للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعِي عن قرنكِ الضَّافي خِمارًا ... فقرنُ الشمس ليس له خِمار

(تلمسانُ) اكشِفي عن رائعاتٍ ... من الآثار جَلَّلَها الغُبار

وبُقْيا عبقرياتٍ غِزارٍ ... نمتها عبقرَّياتٌ غِزار

إلى (إدريس) (٤) أو (زيان) (٥) يومي ... وُيومِضُ تحتها نورٌ ونارُ

(تلمسان) احْفَظي ذكرَ ازدهارٍ ... لمُلْكٍ فيكِ كان له ازْدِهار

ففي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا ... لنا ازدهرتْ حَضاراتٌ كِبار

وفي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا ... تَفَشَّى العدلُ وانْتَشَرَ اليَسار

وفي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا ... سما (مازيغُ) (٦) واستعلى (نِزار)

عليك تآخَيَا أدَبًا ودينًا ... وحولَكَ ضَمَّ شَمْلَهما الجِوار

هما حَمَيَا ذِمارَك بِالعوالي ... قُرونًا فاحْتَمَى بهما الذِّمار

وحاصَرَ تُرْكَكِ الإسبانَ حينًا ... فعادَ عليكِ بالأمن الحِصار

مضوا لم يتركُوا غير ادِّكارٍ ... لَنَا في القلب لو يُجْدِي ادِّكار

فقل لِبَنيهمُ ابْنُوا من جديدٍ ... بناءً لا يُهدِّدُهُ انهِيار

وصغْ لبني (تلمسانَ) التَّحايا ... كطاقات يرِف بها العمار

ووفِّ بني (تلمسان) اعتبارًا ... وأدنَى ما جَزيت به اعتِبار

لقد حَنَّت جوانحُنا إليهمْ ... وسارت قَبْلَما سار القطار

أتَيْناهُمْ ضُحًى ولهم حُبُورٌ ... وإشرافٌ وشوقٌ وانتظار

وسرنا بينهم جَنْبًا لجَنْبٍ ... كمِثْل الزَّند يكْنُفُه السوار

يُكَبِّر حولنا منهم جهارًا ... رجالٌ كل دعْوتهم جهار

ألم تَرَ صورةَ الأجْداد فيهمْ ... عليها من ملامحهمْ إطار

فَقِفْ تَرَ غَرْسَهُمْ يَنْمو بِدارًا ... بدارٍ نحوَها اشتدَّ البِدار

بها (دارُ الحديث) لها يُنَادي ... وفيها (ابن الصَّلاح) له يُشار

وليس ابن الصَّلاح سوى (بشير) ... لنا انتشرتْ معارفُه الكثار

حَمَى أكنافَها لله جُنْدٌ ... وجُندُ الله ليس له انكسار

وجاءتْها المواكبُ خاشعاتٍ ... عليها الطُّهر يَبْدو والوقارُ


٤) اٍدريس الأصغر بن اٍدريس بن عبد الله مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب وقد كانت تلمسان ضمن المملكة الإدريسية في بعض الاْحيان.
٥) زيان: جدّ ملوك تلمسان الزيانيين، وقد بقيت بقاياهم إلى ما بعد المائة العاشرة للهجرة وهم من بني عبد الواد، قبيلة من زناتة.
٦) مازيغ: أحد الأجداد الذين يرجع إليهم معظم القبائل البربرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>