للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفّت حول جمعية العلماء وأقبلت على ما خطته لها من مناهج في تعليم الدين والعربية على بصيرة ويقين.

...

ومع هذا كله فالحكومة الجزائرية لم تزل تعامل هذه الجمعية معاملة قاسية، وتمعن في التشريعات الجائرة لقتل حركتها التي هي حركة الإسلام والعربية بهذا الوطن، وتطارد رجالها القائمين على التعليم كما يُطارد المجرمون، وتغلق مدارسها التهذيبية كما تغلق المحلات الضارة، وتنتزع رخص التعليم من أيديهم بلا سبب قانوني، وتمتنع من إعطاء الرخص لطالبيها منهم بلا مانع قانوني، ثم التصامم في الأخير عن سماع كل شكوى وكل مراجعة.

إن للحكومة الجزائرية خطة مرسومة نحو جمعية العلماء هي ماضية في تنفيذها بكل قساوة وبكل فظاعة. ولم يبق لنا شك في تلك الخطة ولا في الوسائل المحضّرة لها، ولا فيما تنتحله الحكومة من المبررات لسلوكها ولا في مراميها القريبة والبعيدة. ولم يبق لنا شك في أن مقصد الحكومة هو قتل الإسلام والعربية بهذا الوطن بمحو تعليمهما الصحيح وإسكات رجالهما الأكفاء.

...

وقد كانت حكومة الجزائر ترمي الجمعية بألسنتها الرسمية وغير الرسمية بأنها وهابية، وهي تعلم أن الوهابية مذهب ديني لا شأن للحكومات به، ثم افتضحت هذه التهمة.

فانتقلت إلى رميها بموالاة الشيوعية. فلما حلا مشرب الشيوعية للحكومة رمت الجمعية بموالاتها للفاشيستية، وباتصالها بالأجانب، وهي تعلم أن الفاشيستية جزء من معنى الحكومة، وأننا بلونا كلا الجزأين وذقنا منهما الأمرّين.

ولا ندري ماذا تدخره الحكومة للجمعية من هذه الأنواع التي لا تستند على منطق ولا واقع.

كل هذه الاتهامات جرت على ألسنة رجال الإدارة ومن أقلام كتّابها، وسُمعت من منابر الخطابة الرسمية. وكلها اتهامات لا وجود لها إلا في خيال المتخيلين لها المريدين بجمعية العلماء شرًا.

وجمعية العلماء تحدّت في الماضي وتتحدّى في المستقبل كل من يرميها بمثل هذه الأباطيل أن يأتيها على ذلك ولو بشبهة أضعف من خيط العنكبوت، وهي تعتقد اعتقادًا جازمًا أنه لن يأتي بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>