وَحُجَّتِي فِيهِ كَلَامُ الْعَرَبِ ... وَنَحْوُهُمْ وَالضَّرْبُ غَيْرُ الضَّرَبِ (٣٧)
الْجَلَّالِي: يَا عَجَبَا تَقْذِفُنِي بِالرَّيْبِ ... وَتَنْتَحِينِي بِعَظِيمِ الْعَيْبِ
ثُمَّ تَجِي بِالْعُذْرِ وَالتَّأْوِيلِ ... فِي مَنْطِقٍ مَا فِيهِ مِنْ تَعْوِيلِ
وَفِي كَلَامِكَ مِنَ التَّغْرِيرِ ... لِلْقَذْفِ مَا جَلَّ عَنِ التَّبْرِيرِ
وَالْحُرُمَاتُ بَيْنَنَا قِصَاصُ ... وَصَاحِبُ الْحَقِّ لَهُ اخْتِصَاصُ
الْمُدِيرُ: أُطلُبْ وَطَالِبْ وَاجْتَهِدْ وَخَاصِمِ ... فَعَاصِمِي مِنْ شَرِّكَ ابْنُ عَاصِمِ
أَمَا قَرَأْتَ قَوْلَهُ فِي الْبَابِ ... عَنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْأَنْجَابِ
(وَيُدْفَعُ الْحَدُّ بِالِاحْتِمَالِ ... فِي قَالَةِ الْقَذْفِ وَبِالْإِجْمَالِ)
(وَبِالْكِنَايَةِ وَبِالْإِبْهَامِ ... وَمِثْلُهُ الْإِنْشَا بِالِاسْتِفْهَامِ)
(وَشِدَّةُ الْخَفَاءِ فِي الدِّلَالَهْ ... كَيَا غُرَابُ أوْ كَيَا ثُعَالَهْ)
(وَكُلُّ ذَا لِمَا رَوَى الْجُدُودُ ... بِالشُّبُهَاتِ تُدْرَأُ الْحُدُودُ)
الْجَنَّانُ: يَا سَادَتِي يَا إِخْوَتِي يَا زُمَلَا ... أَمَا تَخَافُونَ افْتِضَاحًا فِي الْمَلَا؟
هَذِهِ الْمُلَاحَاةُ إِذَا مَا شَاعَتْ ... بَيْنَ الْوَرَى وَاشْتَهَرَتْ وَذَاعَتْ
فَإِنَّهَا حَيَاتُنَا تَدَاعَتْ ... أَرْكَانُهَا وَخَسِرَتْ وَضَاعَتْ
أَمَّا إِذَا انْتَهَتْ إِلَى التَّدَاعِي ... تَرْفُلُ فِي ثَوْبٍ مِنَ الْإِقْذاعِ
وَأُعْلِنَتْ بِمَا بِهَا مِنْ فُحْشِ ... فِي مَنْطِقِ الْإِنْسِ وَفِعْلِ الْوَحْشِ
فَالْقَبْرُ خَيْرٌ وَأَخَفُّ وَقْعَا ... مِنَ الْحَيَاةِ وَافْتِرَاشِ الدَّقْعَا
إِنِّي أَرَى شَرًّا يُطِيرُ شَرَرَهْ ... وَسَوْفَ نَجْنِي غِبَّهُ وَضَرَرَهْ
وَأَوَّلُ النَّتَائِجِ الْمُحَقَّقَهْ ... تَضْيِيعُنَا لِلْخُبْزَةِ الْمُرَقَّقَهْ
وَنَحْنُ قَوْمٌ عَيْشُنَا بِالذِّكْرِ ... وَلَا كَعَيْشِ الْفُقَرَا (بِالذِّكْرِ)
وَعَيْشُنَا رِبْحٌ وَرَأْسُ الْمَالِ ... فَضِيلَةُ الصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ
فَإِنْ عَدَتْنَا السِّيرَةُ الْحَمِيدَهْ ... فَكَيْفَ نَغْدُو قُدْوَةً رَشِيدَهْ
وَأَنْتُمُ مُسْتَوْدَعُ الْفَضَائِلِ ... وَحَامِلُو تَرِكَةِ الْأَوَائِلِ
وَأَنْتُمُ النُّورُ لِهَذِي الْأُمَّهْ ... فَمَنْ يُنِيرُ إنْ عَرَتْكُمْ ظُلْمَهْ؟
أَنْتُمْ سِمَاتُ الْحَقِّ فِي أَغْفَالِهَا ... وَأُمَنَاءُ اللهِ فِي أَطْفَالِهَا
وَالْجِيلُ عَنْ مِرْآتِكُمْ يَنْعَكِسُ ... فَسَابِقٌ لِلْفَضْلِ أَوْ مُرْتَكِسُ
أَخْلَاقُكُمْ فِي النَّاشِئِينَ تَنْطَبعْ ... فَحَاذِرُوا مِنْ أَنْ يُرَى فِيهَا طَبِعْ
٣٧) في الأبيات الثلاثة احتجاجٌ من المدير مُفْحِمٌ. والضرْب بالسكون معروف، والضرَب بفتح الراء: العسل، وشتّان ما بينهما وهذا تمثيل.