للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمة الإسلامية الجزائرية تعتقد أن إدخال طائفة منها في الجنسية الفرنسية هو خطوة إلى إدماجها في جنس غير جنسها، وهي لا ترضى بجنسها بدلًا ولا بدينها بديلًا، وتعتقد أن هذا الاندماج محو لشخصيتها العربية وذاتيتها الإسلامية، وأنه مخالف لسنّة الله الذي خلق الناس أجناسًا لكل جنس خصائص ومميزات، ومخالف لسنن الاجتماع البشري ومخالف للتاريخ وللاعتبارات الجغرافية المبنية عليه، ومخالف لمصلحة فرنسا نفسها التي جربت هذا الاندماج مع غيرنا فلم يأتها بالفائدة المطلوية.

إننا نرى أن المصلحة المشتركة بين جميع المتساكنين بالقطر الجزائري والنظر السديد في بناء مستقبله على أساس تؤمن معه غائلة استعمار جنس لجنس وامتياز عنصر علي عنصر واستعباد طائفة لطائفة، كل ذلك يقتضي بناء هيكل الإصلاح الجديد على الاسس الآتية:

أولًا: إنشاء جنسية جزائرية تشمل جميع الطوائف التي تعيش بهذا الوطن بغير تمييز بين أصولهم وأديانهم، يتساوون بموجبها في الحقوق والواجبات.

ثانًا: تستبدل جميع التشكيلات الاستعمارية بحكومة تسمّى "الحكومة الجزائرية" تكون مسؤولة أمام مجلس تشريعي جزائري (برلمان).

ثالثًا: الوظائف الإدارية تُعطى لجميع الجزائريين على أساس الكفاءة الشخصية.

رابعًا: تعتبر اللغة العربية لغةً رسمية في المعارف والإدارات بجانب اللغة الفرنسية.

خامسًا: يحفظ لأهل كل دين حقّهم في إقامة شعائر دينهم، وتصوفهم المطلق في معابدهم وأوقافهم بواسطة تشكيلات حرّة يرتضونها لأنفسهم.

سادسًا: الأحوال الشخصية للمسلمين خاصة، تجري على التفصيل السابق في إصلاح القضاء الإسلامي.

هذه آرائي التي أعتبرها بحق آراء الجمهور الأعظم من الأمة الإسلامية الجزائرية، أقدّمها للجنة المحترمة بكل إخلاص واحترام، وأنا أرجو لها توفيقًا ونجاحًا في أعمالها، وأن يتم على يديها ما فيه خير الجزائر وفرنسا معًا، وأتمنى أن توضع العلاقات الجزائرية الفرنسية على أساس متين من الثقة والتعاون الصادق.

الجزائر في ٣ جانفي ١٩٤٤.

محمد البشير الإبراهيمي

رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

<<  <  ج: ص:  >  >>