للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام فيما شرع من صوم وشرع من إفطار وبضعف إحساس الرحمة والإحسان وتنطفئ بشاشة العيد وبهجته وإشراقه، ويجف ما يفيض به على المسلمين من خير وأنس وتسامح وحب، فانظروا- رحمكم الله- إلى ما يبقي ذلك الخلاف في نفوسكم من حزازات وعداوات وتقطيع لما أمر الله به أن يوصل من أخوة الإسلام.

إن التفرّق في الصوم يذهب بجلال الصوم وحكمته.

وإن التفرّق في العيد يذهب بجمال العيد وبهجته.

وإن الله تعالى ما شرع هذه الشعائر عبثًا وإنما شرعها لحكم جليلة أعلاها جمع الأمة على الدين، لتجتمع في شؤونها الدنيوية، وتوحيدها في عبادة الله، لتتربى على الاتحاد في مصالحها العامة المشتركة.

يا للعجب أيكون الشهر الذي جعله الله مقوّيًا للإرادات، ومشددًا للعزائم ومطهرًا للأرواح ومهبًّا لنفحات الخير والرحمة والمحبة سببًا للفتور والضعف ومدبًّا للبغضاء والعداوة؟ أتجعلون من هذا الشهر الذي جعله الله جامعًا للقلوب على الأخوة وللأرواح على الطهر وللمشاعر على الإحسان وسيلة إلى التفريق والتشتيت؟

أيها المسلمون ...

هذا شهر رمضان على الأبواب فأحيوا في نفوسكم جميع معانيه الدينية والاجتماعية وابدأوا لتحقيق ذلك بالاتحاد في صومه والاتحاد في الخروج منه وأظهروا في هذين اليومين بالمظهر المشرف لدينكم ولجماعتكم، واجتمعوا على السرور بمقدمه وعلى الابتهاج بوداعه، واعلموا أن للاتحاد هيبة، وأن في الاجتماع قوة وسطوة فاستجلوا هذه المعاني في مظاهر دينكم، واستغلّوا ثمراتها في ظواهر دنياكم.

لا عذر لكم في الاختلاف في هذا الزمن الذي قارب بين أجزاء الأرض وقرب بين أفراد البشر وسهل نقل الأخبار وصحّح مقاييس العلم وضبط موازين الأشياء وأحكم الاتصال بين الناس وأعان على فهم حقائق الدين.

لا تجعلوا الحدود الإقليمية التي وضعها المخلوق، حدودًا فارقة في الشعائر التي وضعها الخالق، ولا ترتابوا في أخبار التليفون إذا عرف الصوت وتعدد الناقل، ولا ترتابوا في أخبار الإذاعة فإنها أمنع من أن يتطرق إليها الخلل في هذا الباب وأنها لا تذيع إلا ما تقدّمه لها الهيئات الشرعية.

لا تلتفتوا إلى شبهة تباعد الأقطار فكثيرًا ما يكون يوم عيد الأضحى بمنى هو يوم عيد الأضحى عندنا بشهادة الحجّاج منكم، وبينكم وبين منى آلاف الأميال، صوموا

<<  <  ج: ص:  >  >>