للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرى الأمير شكيب أرسلان*

الأستاذ محمد علي الطاهر، أخ نعتزّ بأخوّته ومجاهد نعترف بجهاده وصدق بلائه، لا في سبيل فلسطين المظلومة فقط- التي عرف بها وعرفت به ووقف قلمه ولسانه ومواهبه على نصرها في محنتها من يوم طرقها البلاء إلى الآن- بل في قضية العروبة أينما وجد أبناؤها، وجريدته الشورى كانت آية الجهاد، وميدان فوارس الطراد، وقد كان من عجيب صنع الله في تجلية إخلاص المخلصين، أن ينال الجريدة المجاهدة في فلسطين، ما نال فلسطين من الظلم والحيف، وإن كان ظلم القريب أنكى على الحر من ظلم الغريب.

وصلتنا من ذلك الأخ المجاهد رسالة تطفح سرورًا بالبصائر وعودتها إلى الظهور. وبما سنى الله لرجال جمعية العلماء من السلامة من الأيدي الظالمة وللجمعية من السير والتقدم في الظروف المظلمة. وتفيض أسى لما يعانيه مغربنا العربي من ويلات الاستعمار وكل ما في الرسالة يدلّ على أن قلب الأخ الأستاذ معلّق بهذا الشمال. وما زال الشمال مستقرّ القلوب.

وأرسل لنا الأستاذ الطاهر مع الرسالة نسختين من كتابه (ذكرى الأمير شكيب أرسلان) هدية، خصّص إحدى النسختين بنا والأخرى أمانة أبلغناها إلى مأمنها، والكتاب جزء حافل جمع فيه الأستاذ دموع الباكين على صديقه وأستاذه في الجهاد الأمير شكيب أرسلان، وحسرات المتفجعين على مصاب العروبة والإسلام لفقده. وما أكثر الباكين على الأمير شكيب وما أكثر المتحسرين. وإننا نعتقد أن ما جمعه الأستاذ الطاهر من المراثي والتحليلات هو ما وصلت إليه يده مما نُشر في الصحف، وان ما لم يصل إليه من ذلك شيء كثير.

قرأنا الكتاب فلم نعجب لوفاء الرجل لصديقه ورفيقه أكثر مما عجبنا لصبره على جمع هذه الأشتات. في وقت تقطعت فيه الصلات وتباعدت الأقطار. وهمته في إخراجه في هذه


* "البصائر"، العدد ١٣، السنة الأولى من السلسلة الثانية، ١٥ نوفمبر ١٩٤٧م. (بدون إمضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>