للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي طليعة من نوجّه إليهم هذه الصرخة، شُعَب جمعية العلماء في جميع أنحاء القطر لأنهم الممثلون لجمعية العلماء وهي الهيئة الوحيدة التي تعبّر عن شعور الأمّة تعبيرًا صحيحًا وتحسّ بآلامها وتعمل على تحقيق رغائبها قبل كل هيئة. وهي التي ما وُجدت إلا لتضمّد جراح الأمّة وتداوي كلومها وتقودها إلى المستوى الذي يشرّفها ويليق بكرامتها.

وقد شاهدنا أمثال هذه الكوارث إذا نزلت بالأمم الراقية كيف تتكتّل الشعوب والحكومات حولها.

شاهدنا الزلازل التي حلّت بتركيا وإيطاليا وشاهدنا حوادث الطوفان الذي دهم فرنسا في وقت من الأوقات كيف تكتّلت حكوماتهم وشعوبهم حولها وقاموا وقعدوا من أجلها وملأوا الدنيا صراخًا وعويلًا وشاهدناهم لا يكتفون بجهود حكوماتهم وشعوبهم بل يستعطفون الحكومات والشعوب النائية.

أما نحن الجزائريين فأصواتنا مكبوتة وحرّيتنا مصفدة فلا نعوّل إلا على أنفسنا ولا نستنجد في مثل هذه الكوارث إلا بأمّتنا، فهي- وحدها- عليها الاتكال ومنها المعونة.

وواجبنا في مثل هذه المواقف أن نضرب المثل الأعلى للإحساس المشترك والشعور الإنساني والقيام بما يقتضيه منا الواجب الديني والوطني، وبذلك نضرب الرقم القياسي للأجيال الآتية بأننا أناس نشعر بالمسؤولية ونتحمل أعباءها مهما عظمت.

وبهذا نحمل الخصوم والأصدقاء على احترامنا والإعجاب بنا.

أيتها الأمّة الكريمة، إن إسعاف هؤلاء المنكوبين أمر أكيد يقتضيه منا الدين وحقوق المواطن على مواطنه فلا يليق بأمّة تحترم نفسها وتحرص على أن يحترمها غيرها أن تغض الطرف عن قيامها بالواجب في مثل هذه المآسي التي يلين لها الجماد.

وما دمت، أيتها الأمّة مؤمنة بالقرآن الكريم فتذكّري قول الله تعالى: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} و {مَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}.

وما دمت تؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فتذكري قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وقوله: «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وقوله: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>