للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: إن اختلاف الأحزاب، وما جرّه الخلاف من سباب، وما جرّه السباب من أحقاد، وما جرّته الأحقاد من تضييع للمصلحة، كل ذلك استنكرته الجمعية بالاعتقاد، وأنكرته بالقول الصريح، وسعت في إزالته بالعمل الجدّي، لأنها تعلم أن عواقبه وخيمة، وأن أدنى عواقبه تمزيق الشمل وإضعاف القوّة: وأنه- أولًا وأخيرًا- ليس من مصلحة الوطن والأمّة، وإنما هو من مصلحة خصوم الوطن وأعداء الأمّة. وقد قامت الجمعية في أوقات ومناسبات شتّى بمساع جدّية صريحة للتقريب بين الأحزاب وإقرار روح الأخوّة والتسامح في النفوس لتصل من ذلك إلى اتحاد متين يوجّه الجهود والكفاءات إلى خدمة المصالح الحقيقية للوطن. وآخر جهودها ما قامت به في هذه الأسابيع الأخيرة المتصلة بكتابة هذه السطور ... وهي- وإن لم تصل إلى غايتها من جمع الكلمة- لم تيأس من ذلك ولم تفشل وما زالت تفترص الفرص لتجديد السعي في جمع الكلمة على الحق وتوحيد الأحزاب على المصلحة العامة للوطن. وهي تعتقد أن الاتحاد الذي تنشده الأمّة وتعلّق آمالها على جمعية العلماء في تحقيقه إذا لم يتم اليوم فسيتمّ غدًا. والجمعية تعلن أنه ليس من مصلحة الأمّة ولا من مصلحة الأحزاب ولا من مقتضيات الذوق أن تشرح مساعيها للاتحاد في هذه الظروف.

ثانيًا: يجب على الهيئات الداعية للانتخابات باسم الحزبية أن تجرّد دعايتها من السب والقدح وجرح العواطف وإثارة الأحقاد، وأن تبني تلك الدعاية على أشرف ما تُبنى عليه الدعايات في الأمم الحيّة وهو المبادئ والبرامج ووسائل تحقيقها. وعلى القادة والمترشحين أن لا يقولوا ولا يعملوا إلا ما يبقي على الأخوّة ويعين في المستقبل على جمع الكلمة، وعلى عقلاء الأمّة أن يلزموا أولئك الدعاة عند حدود الاعتدال، ويفهموهم أن في مكافحة الاستعمار ما يستنفد أقوال القائلين وأعمال العاملين. وليعلموا جميعًا أن هذه النقطة من أسس تربية الأمّة تربية رشيدة.

ثالثًا: يجب على الأحزاب التي تجعل رائدها مصلحة الوطن العليا أن تجري في الدورة الثانية على قاعدة متبادلة وهي أن تسلم الأقلية منهم للأكثرية وأن تعاونها على الفوز لكي يسدوا الطريق في وجه الحكوميين والانتفاعيين الذين لا يمثّلون إلا أنفسهم.

رابعًا: يجب على الناخبين أن يقدّروا هذه الانتخابات حق قدرها، وأن لا يستخفوا بها، ولا يقاطعوها، وأن لا يتخلف أحد عن الانتخاب، وأن لا يتأثّر بتهديد الإدارة وتخويفها وليعلم أن إعطاء ورقته شهادة للوطن أو عليه. فليعرف أين يضع ورقته ولمن يعطي شهادته. وأن المقاطعة وإعطاء الورقة لغير الرجال العاملين هو تضييع لحقوق الوطن يعود عليه بأشأم العواقب.

<<  <  ج: ص:  >  >>