وعقولها وأموالها حتى يكبر ويترعرع، وتبسق أفنانه وتتفرّع، وحتى تكثر أمثاله في القطر. فما نزعم أنه غاية، وإنما هو بداية.
إن الواجبات علينا تلقاء هذا المعهد موزّعة بطبيعتها. فعلى الأمّة بذل المال من المرتخص والغال. وعلى الطلبة أمران: إقبال على العلم يصحبه إيمان بضرورته وتحمّل لمتاعبه. وانقطاع إليه يصحبه اعتقاد جازم بشرفه وأنه نور الحياة وأساس الوطنية ورائد الحرية. فمن لم يكن من الطلبة على هذه الصفات فليلزم داره، وليقطع في الأماني ليله وفي الغرور نهاره. وعلى جمعية العلماء الرأي والتنظيم، والتربية والتعليم، وما من رجالها إلا من هو بحظه زعيم.
إن الأمّة حين تزرع على يد جمعية العلماء ستحصد العلم وستجني الثمرات الطيّبة وتستغل الريع المبارك. لا يتخلّف شيء عن ميعاده ولا نتيجة عن مقدّماتها. وإنها حين تضع أموالها في هذا المعهد تؤدّي واجبًا عليها لنفسها وتقضي حقًا مؤكد القضاء لدينها ولوطنها. وإنها حين تضع المال في أيدي القائمين على المشروع، تضعه في الأيدي التي لا تخون ولا تختر، بل تربّه وتربّيه للأمّة. وقد رأت الأمّة مصادر المال منشورة معلنة. وسترى مصارفه كذلك موضحة مبنية، كدأب الجمعية في كل مشروع تمسّ فيه يدها مال الأمّة. وإننا نتحدّى جميع القائمين بالمشاريع العامّة أن يفعلوا كفعلنا. ونحن نبتهج بكل عامل للعلم ساع في تعليم الأمّة معتقد أن العلم وحده هو سلاح الحياة وسبيل النجاة. ولكننا أعداء للاتجار بالعلم والتزوير على الأمّة باسمه. خصوم للعيسوية الراقصة المرقصة بجميع مظاهرها.
...
هذه هي الكلمة التي نقدّم بها هذه الذكرى وهي بيت القصيد فيها. ولم ننح فيها منحى البكاء والتحسّر وتعداد المناقب، وإنما نحونا المنحى العملي الذي وجدت أسبابه، وفتحت أبوابه.