للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاذبيته. وأشهد ... لقد حدّثني المشائخ في الأشهر الأخيرة فرادى ومجتمعين بأنهم انجذبوا إلى العلم انجذابًا جديدًا، وحببت سيرة الأستاذ التبسي التعليم إليهم على ما فيه من مكاره ومتاعب وأنهم أصبحوا لا يجدون بعد جهد سبع ساعات متواصلة يوميًا، نصبًا ولا لغوبًا.

وليس الأستاذ التبسي جديدًا في سياسة التعليم والارتياض على الإدارة. فقد باشر التعليم المدرسي سنين عددًا بمدرسة "سيق" وباشر الإدارة والتعليمين المسجدي والمدرسي سنين بمدرسة تبسة ومسجدها اللذين أنشأهما بجهده ونفوذه. ثم اضطلع بالتعليم المسجدي وإدارته لتلامذة الجامع الأخضر، بعد موت الأستاذ الرَّئِيسُ عبد الحميد بن باديس وانتقال التلامذة إلى تبسة في أيام الهزاهز والفتن. وأن من تلامذته في ذلك العهد رجالًا هم زينة مدارسنا اليوم، ومنهم من هاجر إلى الشرق ليكمل علمه فأوفى وبرز.

...

وأما التعليم فهو الغرض والغاية من المعهد وأن معهدنا ليعنى من أول يوم بالتربية التي تهملها المعاهد كبيرها وصغيرها أو تتساهل فيها مع أنها هي الأصل والأهم المقدّم. كما يعنى باهتمام بغرس العقائد الصحيحة في أذهان التلاميذ وبتعويدهم على العبادات البدنية حتى ينشأوا مؤمنين عاملين للصالحات. وما قام الإسلام إلا على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ونقول آسفين: إن معاهدنا الإسلامية في الشرق والغرب فرطت في جنب هذا الأصل العظيم وأهملت الأصلح واقتصرت على الصالح. ولعل موجة الإصلاح الآخذة في الامتداد تأتي على النقاثص وتأتي بالكمالات.

وقد صدق الاختيار في المشائخ الذين وسدنا إليهم أمر التعليم في هذه السنة، فما منهم إلا من جلا وجلى وأحرز الغاية وحقّق الظن. وقد بنينا اختيارهم على أساس التجربة والمعرفة اليقينية بدرجة التحصيل، لا على اعتبار الشهادات الجامعية، وان كنا نقدّرها حق قدرها ولا نستخف بها. فالشيخان أحمد حماني وأحمد حسين يحملان شهادة "العالمية" من الزيتونة والشيخان عبد المجيد حيرش والمولود النجار يحملان شهادة التحصيل من الزيتونة أيضًا. والشيخ العباس بن الشيخ متخرج من القروبين. ولأكثرهم دربة بالتعليم ومران عليه وعلى أساليبه حيث قضوا فيه سنوات في ظل الحركة الإصلاحية وفي ميدان النهضة التعليمية، أما الشيخ نعيم النعيمي فهو عصامي في العلم، وحجة على أن الذكاء والاستعداد يأتيان مع قليل من التعليم بالعجائب. والرجل مجموعة مواهب لو نظّمت في الصغر ووجّهت لجاءت شهادة قاطعة على أن لا مبالغة في كل ما يروى عن أفذاذ المتقدمين. فهو يحفظ الأحاديث

<<  <  ج: ص:  >  >>