للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واثقًا مؤكدًا: إننا لو تعاونا وتفرغنا للعمل لأخرجنا للأمة تفسيرًا يغطي على التفاسير من غير احتياج إلى ما ذكرت.

ولما احتفلت الأمة الجزائرية ذلك الاحتفال الحافل بختمه لتفسير القرآن عام ١٣٥٧ هجرية وكتبت بقلمي تفسير المعوذتين مقتبسًا من درس الختم وأخرجته في ذلك الأسلوب الذي قرأه الناس في مجلة الشهاب أعجب به أيما إعجاب، وتجدد أمله في أن نتعاون على كتابة تفسير كامل، ولكن العوارض باعدت بين الأمل والعمل سنتين ثم جاء الموت فباعد بيني وبينه، ثم ألحت الحوادث والأعمال بعده فلم تبق للقلم فرصة للتحرير ولا للسان مجالًا في التفسير، وإنا لله.

لم يكتب الأخ الصديق أماليه في التفسير ولم يكتب تلامذته الكثيرون شيئًا منها، وضاع

على الأمة كنز علم لا يُقَوَّمُ بمال، ولا يعوض بحال، ومات فمات علم التفسير وماتت طريقة ابن باديس في التفسير، ولكن الله تعالى أبى إلّا أن يذيع فضله وعلمه، فألهمه كتابة مجالس معدودة من تلك الدروس وكان ينشرها فواتح لأعداد مجلة الشهاب ويسميها (مجالس التذكير) وهي نموذج صادق من فهمه للقرآن وتفسيره له. كما أنها نموذج من أسلوبه الخطابي وأسلوبه الكتابي.

هذه المجالس العامرة هي التي تصدى الأخ الوفي السيد أحمد بوشمال عضد الإمام المفسر وصفيه وكاتبه والمؤتمن على أسراره، لتجريدها من مجلّة الشهاب ونشرها كتابًا مستقلًا، قيامًا بحق الوفاء للإمام الفقيد وإحياء لذكراه بأشرف أثر من آثاره، وها هو ذا بين أيدي القراء يستروحون منه نفحات منعشة من روح ذلك الرجل العظيم، ويقرأونه فلا يريدهم عرفانًا بقدره فحسبهم ما بنى وشاد، وعلم وأفاد، وما ربى للأمة من رجال كالجبال، وما بث فيها من فضائل وآداب، وما أبقى لها من تراث علمي خالد، لا يرثه الأخ عن الأخ، ولا الولد عن الوالد.

وشكرًا للأخ الوفي أحمد بوشمال على هذا العمل الذي هو عنوان الوفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>