للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلمية لهذا السفير الكفء قيمته ومكانته فاحتفت به هذا الاحتفاء الذي هو ترجمة مؤدّية لما تكنّه تونس للنهضة العلمية والفكرية بالجزائر من تقدير وتأييد.

والأستاذ التبسي عالم عريق النسبة في الإصلاح، بعيد الغور في التفكير، سديد النظر في الحكم على الأشياء، عزوف الهمّة عن المظاهر والسفاسف، انتهى به العلم والتجربة وأحداث الزمان إلى أن تونس والجزائر والمغرب شيء واحد، وأنها لا تفلح في الحياة ولا تنتصر في الجهاد لها إلا إذا أصبحت هذه الثلاثة شيئًا واحدًا، ثم انتهى به العمل لهذه المقاصد العالية إلى معرفة حظ العالم من العمل، وحظه من تبعة التقصير فيه، لذلك كله أصبح علمًا فردًا في قيادة الأمّة في جميع ميادين حياتها، ولذلك سَمَتْ همّته إلى تعرّف أحوال إخوانه العلماء، فكان هذا المعنى أحد بواعثه على هذه الرحلة. ولقد عاش في تونس والقاهرة طالبًا محصّلًا ثم أقام في وطنه الجزائر عاملًا مربّيًا عشرين سنة، زار بعدها تونس وفيها البقية من مشائخه والكثير من أقرانه، فشاهد التبدل العجيب، وشهد بالتطور المفيد. وكنا نتوسم من وراء رحلته الرجوع إلينا بفوائد تغذّي حركتنا، وتحفزنا إلى التقدّم فيها. وتهوّن علينا بعض ما نلقى في سبيلها، فكان لنا من هذه الرحلة فوق ما نرجو.

<<  <  ج: ص:  >  >>