للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصول "فيها الزمزمة المفصحة والتعمية المبصرة، وفيها التقريع والتبكيت، وفيها السخرية والتنكيت ... وفيها العسل للأبرار وما أقلهم، وفيها اللسع للفجار وما أكثرهم ... فلعلها تهز من أبناء العروبة جامدًا أو تؤز منهم خامدًا، فتجني شيئًا من ثمرة النية، وتغير أواخر هذه الأسماء المبنية" [ص:٥١٨].

هل نحن مع طلاسم كاهن؛ لا، بَلْ إنها رموز للواقع التاريخي المشين في عالمنا العربي والإسلامي آنذاك، آثر الكاتب هذا الأسلوب الرمزي الإشاري، للدلالة عليه ويمضي "كاهن الحي" وهو الإسم المستعار الذي أمضيت به الفصول، فيعمد إلى الوقائع التاريخية من خلال آثارها، ويسوق هذه الصور عنها:

"أيتها البُحيرة [المقصود بحيرة طبرية] مالك في حيرة؛ لقد شهدت لبدر بن عمار بالفتوة، فهل تشهدين لأبي الطيب بالنبوة؛ وحدثي الولي (ياولية) أيهما كان عليك بلية، ذاك الذي وردك زائرًا، أم هذا الذي وردك خائرًا؛ إنهما لا يستويان! ذاك أسد غاب رزقه في الناب، وهذا حلف وِجار، رزقه على الجار ... ذاك ورد الفرات زئيره، وهذا جاوز الفرات تزويره" [ص:٥٢٠].

"أيها الخاذل للغزى [جمع غاز] ما أنت لها شم، إنما أنت لعبد العزى، أغضبت سراة الحي، وأزعجت الميت منهم والحي، من لؤي إلى أبي نمي ... فويحك، أما تخاف أن تهلك، يوم يقال: يا محمد إنه ليس من أهلك" [ص:٥٢١].

وفي نفس السياق التاريخي يسوق كاهن الحي صورة أخرى يبدؤها هكذا: "أيها العربي: الحق سافر، والعدو كافر، والقوي ظافر، فعلام تنافر، خصمك إلى خنافر [كان كاهنًا في حمير ثم أسلم على يد معاذ بن جبل] ويلك إن المنافرة لا تكون إلا في المشكوك، وإن الحق تحميه السيوف لا الصكوك ... مجلس الأمن مخيف، والراضي بحكمه ووضعه ذو عقل سخيف، إنهم ليسوا من شكلك، وإنهم متفقون على أكلك" [ص:٥٢٣].

"أيها الأعارب ... هل فيكم بقايا من حرب أو من محارب، دبت بينكم العقارب، وأنتم أقارب، فتكدرت المشارب وتقوضت المضارب، وغاب المسدد في الرأي والمقارب" [ص:٥٢٤]. "أقسم بالذئب الأطلس، والثعبان الأملس، إن المتجر بالأحرار لمفلس، وإن العاقل بين الأشرار لمبلس، وإن العربي لزنيم إذا بقي في المجلس" [ص:٥٣٢].

ويسوق الإبراهيمي في قضايا العروبة، قضية ليبيا وموافقة مجلس الأمم المتحدة على استقلالها عن الإيطاليين، فيعجب المؤلف كيف وافقت روسيا على استقلال ليبيا، ويعلل ذلك بقوله: "ولولا العملاق [أي أمريكا] الذي يضع رجله على طهران، ويده على الظهران وعينه على وهران، لما صادقت روسيا على ذلك القرار" [ص:٤٠٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>