للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرأة ... فقد كان لها في حج هذا العام شأن عجيب. قالت الحكومة لا يحج في هذا العام من النساء إلا عدد محدود، مع أن النساء المسلمات ليس فيهن مجرمات مدنيات ولا سياسيات، وأنهن لا يقتلن أزواجهن ولا يضربنهم كما تفعل سيداتهن الأوروبيات، ولا يعرفن ما الجرائد وما السياسة وما الأحزاب.

تقول الحكومة: لأنها خصّصت لهن أسرّة محدودة. ولماذا؛ ...

وقد أجيلت تلك الأسرّة المحدودة على طالبات الحجّ الكثيرات كما تجال القداح، فكانت من نصيب المحظوظات.

وقد كان يوم السفر واليومان السابقان له، أيام حشر في مدينة الجزائر، حشر فيه المحرومون والموعودون، وكل واحد متعلق بشفيع أو شفعاء من النواب وذوي الجاه و "وسطاء الخير" من مسلمين ومسيحيين ويهود، فكان منظرًا مزرًيا بشرف الإسلام، وجلال الحج وبسمعة الحكومة أيضًا.

ونقول الحق. إنه لم تظهر أعراض الجنون بالحج على عوام الجزائريين في سنة، مثلما ظهرت في هذه السنة، ولو عقل هؤلاء المتهافتون على الإدارات المتقرّبون إليها بالشفاعات في أمر ديني، وعرفوا قيمة أنفسهم، وقيمة دينهم، لعلموا أن هذه المأساة تكررت وتكررت في كل عام، وأنها لا تعالج بمثل هذه التضرعات والتوسلات ما دام أصلها ثابتًا. وإنما نستأصل جرثومتها بشيء واحد وهو فصل الدين عن الحكومة. فليسعوا إليه متساندين وليعملوا له متّحدين، فإذا حصّلنا الفصل رجعنا إلى الأصل، وإذا نقضنا الأساس لهذه القضية، انتقضت فروعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>