للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أليس تسليم الحكومة المساجد إلى هؤلاء الموظفين تسليمًا من الحكومة إلى الحكومة؛ وهل يستطيع واحد من هؤلاء أن يعصي لها أمرًا ولو كان فيه خراب الكعبة.

أما ما يغالط به التقرير من أن الانتخاب يجر السياسة إلى المساجد، وما يتهمنا به معشر المطالبين برفع سلطة الحكومة على الدين وتسليمها للأمة، من أن وراءنا أحزابًا سياسية، فهو سلاح من أسلحة الحكومة المفلولة، ما زالت تحارب به كل عامل، وكلمة من كلماتها المعلولة، ما فتئت تسكت بها كل قائل، ونحن نرد عليها هذه التهمة بالحقيقة، وهي أن تسلطها على مساجدنا وأوقافنا- وهي لائكية- هو عين السياسة، وإسنادها الوظائف الدينية إلى من تختاره وترتضيه هو رأس السياسة، ووضع هذا التقرير باسم العاصمي هو ذنب السياسة، ولولا السياسة ما كان للمفتي الحنفي وجود، ولولاها ما تيسرت حجاته المتعددة، ولا قضيت حاجاته المتجددة، وإذا كان غير العاصمي منسوبًا إلى السياسة، أو متهمًا بها، أو لصيقًا فيها، فالعاصمي ابن السياسة لصلبها ولرحمها، ولكنه ولد من غير السبيل المعتاد، على رأي عبد الحي الكتاني.

وبعد فقد قرأ القراء تمهيد التقرير في العدد الماضي، وتبينوا من كل جملة منه رمية إلى هدف، وقذفة بالدين إلى جدف (١)، وسننقل لهم ما يتعلق به غرض المناقشة في الأعداد الآتية، وإنما هذه ملاحظات عامة.


١) الجدف هو الحدث، وهو لغة فيه مما تعاقب فيه الثاء والفاء وهو القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>