للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واضعها هازئ بنفسه، أو بالناس، أو بهما معًا، وكأنها سخرية ساخر، لم تسبقها روية، ولم يحكمها منطق، ولم يَحكها تدبر.

لا يسيغ منطق ولا عقل كيف تكون الوحدة بين سيد وبين مسود، وكيف تتصور بين حاكم مزهو بعصبية جنسية تظاهرها عصبية دينية، وبين محكوم؟ وكيف تتفق في وطن ساكنوه صنفان، وقوانينه صنفان؟ وكيف تتم في بلد كنيسته حرة، وبيعته حرة، ومسجده مستعبد؟ وكيف تتجاور في عقيدة أو لسان مع كلمة السيادة الفرنسية التي تلوكها الألسنة، وتنضح بها الأقلام خصوصًا في هذه الأيام؟!

...

إنكم أقمتم في الجزائر في عهدها الأخير عامين، وأحطتم رؤية وعلمًا بما يجري فيها، وإنها باقية حيث تركتموها، ما تقدمت إلّا في التأخر، وما ترقت إلّا في الانحطاط، فنعيذكم بشرف الحرية، وحرمة الضمير الإنساني، وكرامة العلم- أن تغتروا بما تسمعونه من خطب، وبما ترونه من مظاهر، فكل ذلك مهيأ لتغطية الحقيقة والتضليل عنها، فالتمسوها في جدب العقول لا في خصب الأرض، وفي فوضى الحياة لا في نظام المواكب، وفي بؤس البادية لا في نعيم المدينة- تجدوها ماثلة للعيان، ناطقة بالبرهان، صادقة في البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>