للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن إسحاق (١): حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التّيمي، أن أبا صالح السمّان حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكثَمَ بن الجَوْنِ الخُزَاعِيّ: «يا أكثم! رأيت عَمرو بن لُحيِّ بن قَمْعَة بن خِنْدَف يَجُرّ قُصْبَه في النار، فما رأيت رجلًا أشبه برجل منك به، ولا به منك»، فقال أكثمُ: عسى أن يَضُرّني شَبهُه يا رسول الله؟ قال: «لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنه كان أولَ مَنْ غَيّر دين إسماعيل، فنصبَ الأوثانَ، وبَحّر البحيرة، وسَيّب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي».

قال ابن هشام (٢): وحدثني بعض أهل العلم: أن عمرو بن لُحَيٍّ خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره، فلما قدم مآبَ من أرض البَلْقاء، وبها يومئذٍ العماليقُ، وهم وَلَدُ عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي تعبدون؟ فقالوا: نَستمطر بها فتُمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال: أفلا تُعطوني منها صنمًا، فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟ فأعطوه صنمًا يقال له: هُبَلُ، فقدم به مكة، فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه.


(١) السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٢٠١ - ٢٠٢)، ومن طريق ابن إسحاق رواه ابن أبي عاصم في الأوائل (٨٣)، والبزار (٨٩٩١)، والطبري في تفسيره (١٢٨٢٠، ١٢٨٢٧)، وأبو عروبة في الأوائل (٢٩)، وحسن إسناده سليمان آل الشيخ في التيسير (ص ٢٦٨)، والألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٢٤٣). ورواه أبو يعلى (٦١٢١) والطبري (١٢٨٢٢) والدارقطني في المؤتلف والمختلف (١/ ١٢٦) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان (٧٤٩٠)، والحاكم (٨٧٨٩)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٢٤٣). وفي الباب عن أبي بن كعب وجابر وابن مسعود وابن عباس.
(٢) السيرة النبوية (١/ ٢٠٢).