للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى في سورة يونس: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: ١٩].

والمقصود أن العدوّ كادهم وتلاعَبَ بهم، حتى انقسموا قسمين: كفارًا ومؤمنين، فكادهم بعبادة الأصنام، وإنكار البعث.

وكان أول ما كاد به عُبّاد الأصنام من جهة العكوف على القبور، وتصاوير أهلها، ليتذكروهم بها، كما قصّ الله سبحانه قصتهم في كتابه، فقال: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ١٣].

قال البخاري في «صحيحه» (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحَى الشيطانُ إلى قومهم أن انصِبُوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تُعْبَد، حتى إذا هلك أولئك ونُسِخَ العلم عُبِدَتْ.

وقال ابن جرير (٢): عن محمد بن قَيْس، قال: كانوا قومًا صالحين من بني آدم، كان لهم أتباعٌ يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم: لو صوَّرناهم كان أشوقَ لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوَّروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دَبّ إليهم إبليسُ، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسْقَون المطر، فعبدوهم.

وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي (٣): أخبرني أبي، قال: أول ما


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) كتاب الأصنام (ص ٥٠)، وعنه رواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٤٩).