للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزعموا أن اجتماعهم كان على الباطل، فجمع الملك مئة وثلاثين أسقفًا، فثبّتوا قول أهل المجامع الخمسة، ولعنوا مَنْ لعنهم وخالفهم، وانصرفوا بين لاعنٍ وملعونٍ.

فهذه عشرة مجامع كبارٍ من مجامعهم مشهورة، اشتملت على أكثر من أربعة عشر ألفًا من البتاركة والأساقفة والرهبان، كلهم ما بين لاعنٍ وملعونٍ.

فهذه حال المتقدمين مع قرب زمانهم من أيّام المسيح، ووجود أخباره فيهم، والدولة دولتهم، والكلمة كلمتهم، وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا، واهتمامهم بأمر دينهم واحتفالهم به كما ترى، وهم حيارَى تائهون، ضالُّون مضلُّون، لا يثبت لهم قَدَمٌ، ولا يستقر لهم قول في إلههم، بل كلٌّ منهم قد اتخذ إلهه هواه، وصرَّح بالكفر والتبرِّي ممن اتبع سواه، قد تفرقت بهم في نبيهم وإلههم الأقاويل، وهم كما قال الله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: ٧٧].

فلو سألت أهل البيت الواحد عن دينهم ومعتقدهم في ربهم ونبيهم لأجابك الرجل بجواب، وامرأته بجواب، وابنه بجواب، والخادم بجواب! فما ظنك بمن في عصرنا هذا، وهم نُخالة الماضين، وزُبالة الغابرين، ونُفاية المتحيرين! وقد طال عليهم الأمد، وبَعُدَ عهدهم بالمسيح ودينه.

وهؤلاء هم الذين أوجبوا لأعداء الرسل من الفلاسفة والملاحدة أن يتمسَّكوا بما هم عليه، فإنهم شرحوا لهم دينهم الذي جاء به المسيح على هذا الوجه، ولا ريب أن هذا دين لا يقبله عاقل، فتواصَى أولئك بينهم أن يتمسَّكوا بما هم عليه، وساءت ظنونهم بالرسل والكتب، ورأوا أن ما هم