للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب تعظمها، وبها كانت العرب تسمّي زَيد اللات، وتَيْم اللات، وكانت في موضع منارة مسجد الطائف اليُسرى اليوم، فلم تزل كذلك حتى أسلَمَت ثقيفٌ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المغيرة بن شعبة، فهدمها وحرّقها بالنار.

ثم اتخذوا العُزّى، وهى أحدثُ من اللات ومناة، اتخذها ظالمُ بن أسعد، وكانت بوادٍ من نخلة، فوق ذاتِ عِرْقٍ، وبنوا عليها بيتًا، وكانوا يسمعون منه الصوْت.

قال هشام (١): وحدثني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: كانت العُزّى شيطانةً، تأتى ثلاث سَمُراتٍ ببطن نخلةَ، فلما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة بعث خالد بن الوليد، فقال: «ائتِ بطنَ نخلة، فإنك ستجد ثلاث سَمُرات، فاعضد الأولى»، فأتاها فعضدها، فلما جاء إليه قال: «هل رأيت شيئًا؟»، قال: لا، قال: «فاعضد الثانية»، فأتاها فعضدها، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «هل رأيت شيئًا؟»، قال: لا. قال: «فاعضد الثالثة»، فأتاها، فإذا هو بحبشيةٍ نافشةٍ شعرها، واضعةٍ يَديْها على عاتقها، تصرفُ بأنيابها، وخلفها سادِنُها، فقال خالد: يا عُزَّى كُفْرَانَكِ لا سُبْحَانَكِ، إنِّي رَأَيْتُ اللهَ قَدْ أَهَانَكِ. ثم ضربها، ففلق رأسها، فإذا هي حُمَمَةٌ، ثم عضد الشجرة، وقتل السادن، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: «تلك العُزّى، ولا عُزّى بعدها للعرب».

قال هشام (٢): وكانت لقريش أصنامٌ في جَوف الكعبة وحولها، وأعظمها عندهم: هُبَلُ، وكان فيما بلغني من عَقيقٍ أحمر، على صورة إنسانٍ


(١) كتاب الأصنام (ص ٢٥ - ٢٦)، وعنه رواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٥٣ - ٥٤).
(٢) كتاب الأصنام (ص ٢٧ - ٢٩)، وانظر: تلبيس إبليس (ص ٥٤).