المريض أو الطبيبُ على تناول ذلك المؤذي بتغيير صورته مع بقاء حقيقته وطبعه، أو تغيير اسمه مع بقاء مسمَّاه، ازداد المريض بتناوله مرضًا إلى مرضه، وترامَى به إلى الهلاك، ولم ينفعه تغيُّر صورته، ولا تبدُّل اسمه.
وأنت إذا تأمّلتَ الحيلَ المتضمنة لتحليل ما حرّم الله سبحانه وتعالى، وإسقاطِ ما أوجب، وحَلِّ ما عَقَدَ= وجدت الأمر فيها كذلك، ووجدت المفسدة الناشئة منها أعظم من المفسدة الناشئة من المحرمات الباقية على صورها وأسمائها، والوِجْدانُ شاهدٌ بذلك.
فالله سبحانه إنما حرّم هذه المحرمات وغيرها لما اشتملت عليه من المفاسد المُضرّة بالدنيا والدين، ولم يحرِّمها لأجل أسمائها وصورها، ومعلوم أن تلك المفاسد تابعة لحقائقها، لا تزول بتبدُّل أسمائها وتغيُّر صُوَرها، ولو زالت تلك المفاسد بتغيير الصورة والأسماء لما لعن الله سبحانه اليهود على تغيير صورة الشّحم واسمه بإذابته، حتى استحدث اسم الوَدَك وصورته، ثم أكلوا ثمنه، وقالوا: لم نأكله، وكذلك تغيير صورة الصيد يوم السبت بالصيد يوم الأحد.
فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادةٌ في المفسدة التي حُرمت لأجلها، مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله، ونِسْبَة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه، وأنه يُحَرِّم الشيء لمفسدةٍ، ويبيحه لأعظم منها.
ولهذا قال أيوب السختياني (١): يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون.