للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القول أصح الأقوال وأسدُّها، وأوفقها لقواعد الشريعة وأُصولها، وبه تجتمع الأحاديث.

فإنه قد روى أبو داود في «سننه» (١) من حديث يوسف بن ماهَك، قال: كنت أكتب لفلان نفقة أيتامٍ كان وَلِيَّهم، فغالطوه بألف درهم، فأدّاها إليهم، فأدركتُ له من أموالهم مثلها، فقلت: اقبض الألف الذي ذهبوا به منك، قال: لا، حدّثني أبي، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أدِّ الأمانة إلى مَنِ ائتمنك، ولا تخنْ من خانك».

وهذا وإن كان في حكم المنقطع فإن له شاهدًا من وجه آخر، وهو حديث طَلْق بن غَنّام (٢). أخبرنا شريك، وقيس، عن أبي حَصِين، عن أبي


(١) سنن أبي داود (٣٥٣٦)، ورواه أيضًا أحمد (٣/ ٤١٤)، والدولابي في الكنى (٣٥٩)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٢٧٠) من طريق أبي داود وقال: «هذا الحديث في حكم المنقطع؛ حيث لم يذكر يوسف بن ماهك اسمَ من حدّثه، ولا اسمَ من حدّث عنه من حدثه»، وقال ابن السكن كما في البدر المنير (٧/ ٣٠٠): «رُوِي من أوجه ثابتة».
(٢) رواه الدارمي (٢٥٩٧)، وأبو داود (٣٥٣٧)، والترمذي (١٢٦٤)، والطحاوي في شرح المشكل (٥/ ٩١، ٩٢)، والطبراني في الأوسط (٣٥٩٥)، والدارقطني (٣/ ٣٥)، والبيهقي (١٠/ ٢٧١) وقال: «قيس ضعيف، وشريك لم يحتجّ به أكثر أهل العلم بالحديث، وإنما ذكره مسلم في الشواهد»، ونَقَل عن الشافعي قوله: «ليس بثابت عند أهل الحديث»، ونُقِل عن أحمد أنه قال: «هذا حديث باطل، لا أعرفه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجهٍ صحيح»، واستنكره أبو حاتم كما في العلل (١/ ٣٧٥)، وضعفه ابن حزم في المحلى (٨/ ١٨٢)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٥٩٣)، وابن القطان في بيان الوهم والإيهام (١٣١٤)، وقال الترمذي: «حسن غريب»، وصححه الحاكم (٢٢٩٦)، وابن دقيق العيد في الإلمام (١٠٦٠)، وقواه الذهبي في تلخيص العلل (٥٨١)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٧٦)، والشوكاني في النيل (٦/ ٢٩)، وهو في السلسلة الصحيحة (٤٢٣). وفي الإرواء (١٥٤٤).